إبراهيم عيسى |
خرج المواطن المصرى ليدلى بصوته فى الانتخابات، حيث أدرك أنه مهم وأنه مهتم.
أما أنه مهم فى موقفه وصوته فهذا سببه الوحيد ثورة يناير التى يتملظ منها ويتملص منها مواطنون هم أول من استفادوا من هذه الثورة وأول من حصد نجاحها وصارت له أهمية وقيمة وصار شريكا فى وطنه بعدما كان تابعا سلبيا صامتا ساكتا متفرجا.
ملايين من المصريين الذين خرجوا منذ صباح الإثنين يقفون فى طوابير الانتخابات ويعانون زحامها، بعضهم نسمعه فى التليفزيونات والمواصلات وفى الأندية وفى العباسية وغيرها، ينتقد ويهاجم الثورة، والحقيقة أنه ما كان له أن يتشملل ويقف الوقفة دى من غير الثورة، فهى التى أنجته من صفوت الشريف وأحمد عز وجمال مبارك وتزويرهم الانتخابات، فعلى الأقل شوف مين اللى وقّفك وقفة الكرامة دى وبعدين اتكلم!
ثم إن المواطن خرج للتصويت، حيث أدرك أنه مهتم، صار مهتما بما يجرى فى بلده وعايز يعمل حاجة ويقول كلمته! والسؤال: متى كان المواطن مهما ومهتما إلا بعد ثورة يناير التى تأتى انتخابات البرلمان الحرة كأحد منجزاتها الكبيرة؟ لم تقم الثورة كى تجرى انتخابات حرة فقط، بل قامت لكى يكون المواطن المصرى مهما ومهتما، لقد كان فضل الثورة عظيما حتى على من يكرهها ويهاجمها!
إذن نحن مدينون لهؤلاء العيال الذين كانوا أشجع من آبائهم وأجدادهم ودعوا وخرجوا إلى المظاهرات يوم 25 يناير التى أشعلت الثورة ضد مبارك ونظامه مزور الانتخابات.
نحن مدينون للمثقفين والسياسيين الذين ملؤوا ميدان التحرير يوم 25 يناير، حيث كانوا هم وقتها دعاة استمرار المظاهرات ضد مبارك ونظامه وكانوا هم وقتها المعارضين الحقيقيين الذين لم يهادنوا ولم يرتجفوا ويخافوا وتحملوا ثمن وكلفة معارضة مبارك.
هل تريد أن تعرف أين هؤلاء الشباب اليوم وأين هؤلاء المثقفون والسياسيون؟
إن معظمهم معتصم فى ميدان التحرير وأمام مبنى مجلس الشعب!
وبينما مصر كلها فى حالة فرح مبتهج بهذا المشهد الرائع للانتخابات المصرية فإن هؤلاء لم يذكرهم لا مجلس عسكرى ولا أحزاب ولا جماعة إخوان ولا جماعة إسلامية ولا سلفيون قطعا، لا بالفضل ولا بالخير ولا بالامتنان ولا بالدفاع عن حقهم فى أن يكون أكثر من الجميع خيالا وصدقا وحلما وحقا!
دعاة وصناع الثورة شىء والمشاركون فيها شىء آخر، هل يستوى الذين يعملون ويعلمون والذين لا يعملون ولا يعلمون؟ أليست هناك طبقات للصحابة كما أن هناك درجات فى النضال الوطنى؟ وهل يتساوى السابقون الأولون بالتابعين الطلقاء؟
بالتأكيد أنا مشفق على هذا المشهد المدهش لملايين المصريين فى انتخاباتهم من اللحظة التى سيكتشفون فيها -بأحكام قضائية- أن هذه الانتخابات باطلة ويشوبها بطلان فى معظم إجراءاتها، وأنها لن تصمد أسبوعا فى أى محكمة إلا ويصدر حكم بأنها كأن لم تكن!
لكن هذا لا يمنع إطلاقا من الفخر بهذا المشهد، وبالمصرى الذى يبهر العالم كله وهو يتابع المواطن المصرى وهو يخرج أمامهم من تابوت المومياء الذى كان محنّطا فيه فتدب فيه الروح ويتحرك ويمشى ويغنى ويتظاهر ويقف أمام قنابل الغاز ورصاص الخرطوش ويرفع العلم ويصوت فى الصناديق!
كم هو مذهل هذا الشعب، وحين يقرر أن يذهل فهو يذهل نفسه قبل الآخرين.
لكن المؤكد مع مرور أيام الانتخابات أن الشعب أفضل كثيرا جدا من قيادته وأسبق جدا من مديرى ومدبرى شؤونه الآن -وكل وقت فى الحقيقة- فالذى يتأمل تصريحات رئيس اللجنة العليا للانتخابات مساء أول من أمس عقب اليوم الأول من الانتخابات يدرك أنه لا بد بالفعل من تغيير كبير وشامل وجذرى فى الحياة المصرية لا يؤدى إلى وقوف رئيس لجنة عليا لانتخابات ليقول إنه يحب أن يسمع الأخبار المفرحة لأننا عايزين نفرح.. هكذا، وأنه لو حد شاف واحد شايل صندوق بالليل وخارج من اللجنة يدبحه!
عموما السؤال الأجمل هو: لماذا لم نشهد أحداث عنف فى المرحلة الأولى؟
هناك عدة خيارات للإجابة، منها روعة الشعب المصرى، منها قدرات التأمين الناجحة التى وفرها الجيش، ومنها أن هذه المحافظات التى جرت فيها انتخابات المرحلة الأولى ليست هى المعتاد عنفها فى الانتخابات، لكن إجابتى التى أُفضّلها هى أن الجهة الغامضة إياها التى تثير العنف فى مصر خلال الفترة الماضية سواء بافتعاله وتفجيره أو بالسكوت عنه والتواطؤ على استمراره، هى التى تريد للانتخابات أن تتم وأن تستمر…!
أما أنه مهم فى موقفه وصوته فهذا سببه الوحيد ثورة يناير التى يتملظ منها ويتملص منها مواطنون هم أول من استفادوا من هذه الثورة وأول من حصد نجاحها وصارت له أهمية وقيمة وصار شريكا فى وطنه بعدما كان تابعا سلبيا صامتا ساكتا متفرجا.
ملايين من المصريين الذين خرجوا منذ صباح الإثنين يقفون فى طوابير الانتخابات ويعانون زحامها، بعضهم نسمعه فى التليفزيونات والمواصلات وفى الأندية وفى العباسية وغيرها، ينتقد ويهاجم الثورة، والحقيقة أنه ما كان له أن يتشملل ويقف الوقفة دى من غير الثورة، فهى التى أنجته من صفوت الشريف وأحمد عز وجمال مبارك وتزويرهم الانتخابات، فعلى الأقل شوف مين اللى وقّفك وقفة الكرامة دى وبعدين اتكلم!
ثم إن المواطن خرج للتصويت، حيث أدرك أنه مهتم، صار مهتما بما يجرى فى بلده وعايز يعمل حاجة ويقول كلمته! والسؤال: متى كان المواطن مهما ومهتما إلا بعد ثورة يناير التى تأتى انتخابات البرلمان الحرة كأحد منجزاتها الكبيرة؟ لم تقم الثورة كى تجرى انتخابات حرة فقط، بل قامت لكى يكون المواطن المصرى مهما ومهتما، لقد كان فضل الثورة عظيما حتى على من يكرهها ويهاجمها!
إذن نحن مدينون لهؤلاء العيال الذين كانوا أشجع من آبائهم وأجدادهم ودعوا وخرجوا إلى المظاهرات يوم 25 يناير التى أشعلت الثورة ضد مبارك ونظامه مزور الانتخابات.
نحن مدينون للمثقفين والسياسيين الذين ملؤوا ميدان التحرير يوم 25 يناير، حيث كانوا هم وقتها دعاة استمرار المظاهرات ضد مبارك ونظامه وكانوا هم وقتها المعارضين الحقيقيين الذين لم يهادنوا ولم يرتجفوا ويخافوا وتحملوا ثمن وكلفة معارضة مبارك.
هل تريد أن تعرف أين هؤلاء الشباب اليوم وأين هؤلاء المثقفون والسياسيون؟
إن معظمهم معتصم فى ميدان التحرير وأمام مبنى مجلس الشعب!
وبينما مصر كلها فى حالة فرح مبتهج بهذا المشهد الرائع للانتخابات المصرية فإن هؤلاء لم يذكرهم لا مجلس عسكرى ولا أحزاب ولا جماعة إخوان ولا جماعة إسلامية ولا سلفيون قطعا، لا بالفضل ولا بالخير ولا بالامتنان ولا بالدفاع عن حقهم فى أن يكون أكثر من الجميع خيالا وصدقا وحلما وحقا!
دعاة وصناع الثورة شىء والمشاركون فيها شىء آخر، هل يستوى الذين يعملون ويعلمون والذين لا يعملون ولا يعلمون؟ أليست هناك طبقات للصحابة كما أن هناك درجات فى النضال الوطنى؟ وهل يتساوى السابقون الأولون بالتابعين الطلقاء؟
بالتأكيد أنا مشفق على هذا المشهد المدهش لملايين المصريين فى انتخاباتهم من اللحظة التى سيكتشفون فيها -بأحكام قضائية- أن هذه الانتخابات باطلة ويشوبها بطلان فى معظم إجراءاتها، وأنها لن تصمد أسبوعا فى أى محكمة إلا ويصدر حكم بأنها كأن لم تكن!
لكن هذا لا يمنع إطلاقا من الفخر بهذا المشهد، وبالمصرى الذى يبهر العالم كله وهو يتابع المواطن المصرى وهو يخرج أمامهم من تابوت المومياء الذى كان محنّطا فيه فتدب فيه الروح ويتحرك ويمشى ويغنى ويتظاهر ويقف أمام قنابل الغاز ورصاص الخرطوش ويرفع العلم ويصوت فى الصناديق!
كم هو مذهل هذا الشعب، وحين يقرر أن يذهل فهو يذهل نفسه قبل الآخرين.
لكن المؤكد مع مرور أيام الانتخابات أن الشعب أفضل كثيرا جدا من قيادته وأسبق جدا من مديرى ومدبرى شؤونه الآن -وكل وقت فى الحقيقة- فالذى يتأمل تصريحات رئيس اللجنة العليا للانتخابات مساء أول من أمس عقب اليوم الأول من الانتخابات يدرك أنه لا بد بالفعل من تغيير كبير وشامل وجذرى فى الحياة المصرية لا يؤدى إلى وقوف رئيس لجنة عليا لانتخابات ليقول إنه يحب أن يسمع الأخبار المفرحة لأننا عايزين نفرح.. هكذا، وأنه لو حد شاف واحد شايل صندوق بالليل وخارج من اللجنة يدبحه!
عموما السؤال الأجمل هو: لماذا لم نشهد أحداث عنف فى المرحلة الأولى؟
هناك عدة خيارات للإجابة، منها روعة الشعب المصرى، منها قدرات التأمين الناجحة التى وفرها الجيش، ومنها أن هذه المحافظات التى جرت فيها انتخابات المرحلة الأولى ليست هى المعتاد عنفها فى الانتخابات، لكن إجابتى التى أُفضّلها هى أن الجهة الغامضة إياها التى تثير العنف فى مصر خلال الفترة الماضية سواء بافتعاله وتفجيره أو بالسكوت عنه والتواطؤ على استمراره، هى التى تريد للانتخابات أن تتم وأن تستمر…!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق