أخبار الجزيرة المصورة

13 فبراير 2010

شادية .. الصوت الذى علم الناس الحب والحنان


ليست نجمة عادية ، فقد استطاعت أن تقيم علاقتها مع الفن كونه حاجة للذات مثلما هو حاجة للمجتمع، ولهذا امتلكت ذلك الحضور المميز فوق خريطة التمثيل والغناء معا في كل نافذة أطلت منها عبر السينما و المسرح و الراديو والتليفزيون وحتى في الحياة العامة.
تميزت شادية بإتقان مهارة الحضور، وأوجدت بذكائها الفطري وحسها الاجتماعي وثقافتها وإخلاصها وصدقها مع نفسها ومع من يتعاملون معها ومع من يستقبلون فنها، نوعا من التوازن المرغوب لكي يتحول الفنان إلي رمز، وهي تعلم عن قدرتها علي العطاء في كل مراحل عمرها ومنذ بدأت صبية صغيرة منطلقة يحدوها الأمل في النجاح والانتشار وحتى نجحت مصحوبة بالتقدير والإقبال الجماهيري، وحتى قررت التوقف عن تقديم الجديد مفضلة الاعتزال ودون أن تردد ودون أن تتراجع ودون أن تضعف أمام الأضواء التي طلت مسلطة عليها طوال سنوات عملها بالفن .
أخلصت شادية لفنها وهي تعلن عن عشقها الكبير عن المساحة التي شغلتها من شاشة عمرها الفني وكانت مثالا للمرأة في أكثر من صورة وفي أوضح من نموذج، وهي أيضا في حضورها الإنساني صاحبة مشاعر رقيقة، وصاحبة ابتسامة عزت علي الكثيرات.
شادية علي الشاشة وعبر الميكروفون وفي اللقاء المباشر، هي التعبير الذي يعني هذا المزيج المتجانس الذي يربط بذلك الخيط الرفيع من العاطفة وحتى أرق المعاني النبيلة، وبحيث اتحدت كل هذه العناصر في حضورها العام وعبر صوتها وأدائها التمثيلي.
وشادية المطربة هي أيضا شادية الممثلة وبنفس القوة والتألق وفي المجالين أعطت وأبدعت وتألقت ونجحت، وصارت من أبرز الأسماء، فبالقدر الذي تميزت به كممثلة لعبت عشرات الأدوار المركبة المحفورة في وجدان عشاق الفن السابع، بقدر ما كان لها الوزن نفسه كمطربة لها موقع خاص في السلم الغنائي.
بعد كل هذا آثرت شادية الاعتزال وصدي التصفيق لم يزل في آذاننا بعد سنوات طويلة من قرارها الذي احترمناه بقدر ما أصرت عليه.. منذ قررت الابتعاد وهي في قمة العطاء والتألق، يطالبها الجمهور بالمزيد من الغناء في آخر حفل غنائي لها.. ويقبل عشاق السينما علي فيلمها الأخير الذي يمتد عرضه لعدة سنوات، وهو أيضا مصحوب بنجاح غير مسبوق من خلال نجاحها علي المسرح في أول وآخر عمل لها .
إنها شادية هذه الإنسانة الطيبة ، الراضية القنوع التي تحب الغيرة وتحب لهم الخير ولم يحدث طيلة سنواتها الممتدة مع الفن من الانتشار إلي الاعتزال أنها خلفت خصومة مع أحد أو أنها سعت لمضايقة أحد بل هي تلك الإنسانة التي وصفها يوما الكاتب الساخر الكبير أحمد رجب بأنها في كل ما يصدر عنها مرادف لمعطيات شخصية " الهانم "، وربما كان الفنان القدير محمود ياسين مصيبا أيضا عندما قال يوما عن جماهيريتها ونجاحها ومكانتها في القلوب: "إن شادية محبوبة من غير أي تحفظ".
شادية التي يعرفها الناس فنانة صادقة، عظيمة الموهبة، تبادل عشاق فنها حبا بحب، ولهذا مازال الإطار الجميل الذي صنعوه لأسمها باقيا زاهيا برغم حرصها علي الابتعاد، بينما غاب غيرها وهو حريص علي الاقتراب.
شادية هي حالة خاصة من الحالات النادرة التي عرف المتلقي العربي كيف ينجذب إلي فنها، في الوقت نفسه الذي عرفت فيه كيف تستمد من هذا مقومات جعلت منها أسما علي مسمي .. شادية الاسم وشادية المعني.. حالة خاصة ونادرة من في عطائها حيث جمعت بين قدرات رائعة في التعبير في أكثر من مجال، عطاء الممثلة المبدعة وعطاء المطربة المتفردة.
وإذا كان الإبحار فى سيرة هذه الفنانة الكبيرة شادية نحو ألف أغنية في كل الألوان يحتاج غوص مزدوج في بحر عطائها، خاصة وأن للأداء العبقري لشادية الممثلة تأثير تعبيري غير مسبوق عند غيرها عندما نتناول العطاء المميز لشادية المطربة.


بدايتها على يد احمد بدرخان


بدأت فاطمة أحمد كمال شاكر "وهذا اسمها الحقيقي" الطريق كفتاة صغيرة تغني بصوت يمزج الحلاوة بالرقة، يجمع ملاحة الشكل ورقة الإحساس، وعرفت ابنة الثانية عشرة من العمر (مواليد عابدين في 8فبراير /شباط 1934) علي مستوي الوجوه الجديد بعد أكثر من تجربة في حفلات المسرح المدرسي وحتى وصل رنين وصدي صدت الفتاة الصغيرة إلي من يبحث عن موهبة سينمائية غنائية. فكان النجاح في الاختبار علي يد المخرج الكبير أحمد بدرخان، ثم الوصول إلي الفرصة الأولي عبر الموسيقار محمد فوزي في أول فيلم من إنتاجه، والمخرج حلمي رفله في إيمانه بموهبتها، وتشجيع محمد فوزي الذي منحها الفرصة في أول لقاء جمعهما.
حددت شادية موقعها منذ بداية خطواتها السينمائية الأولي عبر فيلم "العقل في إجازة" إنتاج1948، أمام نجم الفيلم ومكتشفها محمد فوزي فقد تميزت صاحبة الملامح الدقيقة في تحقيق المعادلة بجمع توازن صفات حياء العذراء وكبرياء الأنثى وبساطة الفتاة المصرية وتدفق مشاعر البنت العصرية.
وتلمع شادية بما تمتلك من مقومات النجاح.. فهمي حلوة التقاطيع، تجيد التمثيل في عفوية وبساطة، وتمتلك مع هذه المقومات في الأداء السينمائي مقومات أخري معاونة، فلصوتها الجمال والرقة وهو يجنح إلي التعبير في زمن التطريب ويجنح إلي التبسيط في زمن إظهار المهارات الصعبة، وهذا ما ساعدها علي تفضيل السينما لها وتقديمها في دور "الصغيرة الشقية" حيث سمتها الصحافة الفنية في الخمسينات "الدلوعة" نسبة إلي هذا الدلال وهذه الحيوية، التي جعلتها في موقع فتاة الأحلام لكل شباب هذه السنوات ، فكان رصيدها من بطولات الأفلام السينمائية يتفوق علي كل من ظهر قبلها وبعدها من ممثلات ومطربات.
وإذا أردنا الحصر فيمكننا أن نذكر نشاطات شادية في سنوات انتشارها الأولي علي النحو الذي يبدو في الأفلام التي شاركت في بطولتها في لفترة ببين عام 1949 وحتى عام 1945، وهي فترة النجاح التلقائي التي جعلتها النموذج لذي فتيات جيلها، والعروس أو فتاة الأحلام عند مراهقي تلك السنوات.
والملاحظ في أفلام شادية مرحلة الانتشار، أن العنصر الأساسي المساعد علي نجاحها تمثل في العفوية والبساطة والجاذبية والحضور المصاحب لظهورها السينمائي .. ثم جاءت سنوات التحول التي مر فيها المجتمع في ذلك الوقت من الخمسينات.
وهو ما أدي بالظروف السياسية والاجتماعية والثقافة إلي أن تلعب دورا رئيسا في خلق المكونات المختلفة لنجوم تلك الفترة من شباب الفن، فكان الإقبال علي الجديد الذي تمثله شادية والذي قدمته في عالم التمثيل والغناء عبر الشاشة الكبيرة، وهو ما يمثل درجة واضحة من الالتفاف الجماهيري، وكان أبرز رموزه النسائية شادية، وأبرز رموزه من الرجال عبد الحليم حافظ. من هنا أيضا كان تعبير شادية عن هذا الاتجاه في أفلام بسيطة مزجت المشاعر العامة بالمشاعر العفوية الشعبية.
قدمت لونا جديدا من الأفلام التي تأثرت بقيام ثورة 33يوليو (تموز) 1952وكان تعبيرها السينمائي المبتهج بالمعهد الجديد في سلسلة أعمال من بينها أفلام: "يسقط الاستعمار"، "بشرة خير"، "لسانك حصانك" "أنا وحبيبي"، وأيضا في أغان مثل "يابنت بلدي زعيمنا قال: قومي وجاهدي ويا الرجال"، التي لحنها محمود الشريف عندما اعترفت ثورة 23يوليو للمرأة بحقها السياسي في أول دستور عام 1956.
لم يكن للتلقائية والجاذبية والظروف التي يمر بها المجتمع كل الأسباب التي أدت إلي هذا النجاح، بل ساهمت الصحافة أيضا به من خلال الكتابات التي صحبت ظهور وبزوغ نجم شادية . فالعودة للمجلدات التي صدرت في الخمسينات من مجلة "الكواكب" وبالتحديد في تاريخ 22ديسمبر / كانون الأول – من عام 1952 تكتشف ما كتبه شيخ السينمائيين الراحل المخرج كامل مرسي في مقال عن شادية قال فيه: " لا ندري متى ولا أين ولا كيف تسللت هذه الطفلة إلي دنيا الفن، ولكن شادية تسللت ونجحت ولمعت دون غيرها ودون أن يكون لأحد فضل عليها إلا مواهبها الناشئة لأنها – وهي الصبية الصغيرة – استطاعت أن تكتسب حب الجميع واحترامهم وعطفهم ، وفوق ذلك تقديرهم، ولم تزل تسير في خطوات ثابتة وتقفز من نجاح إلي نجاح، حتى بلغت الشباب وهي لا تزال نقية .. وأحسب أن هذا سر من أسرار نجاحها".

ووسط هذا النجاح من التشجيع الجماهيري والرسمي والصحف، بحثت شادية "الممثلة" عن شخصية فنية تشكل بها إضافة إلي ما اشتهرت به منذ بداياتها عبر أداء مقنع للبنت الشقية والمراهقة والدلوعة. ويحدث هذا عندما تتمرد شادية علي شخصية الدلوعة الشقية لتحقق نقلة نوعية ظهرت إيجابياتها في أفلام أواخر الخمسينات، وتكون بداية التجربة في منتصف الخمسينات في فيلمها "ليلة من عمري" إخراج عاطف سالم .. وفيلم "شاطئ الذكريات" الذي أخرجه عز الدين ذو الفقار .. ثم يأتي دورها "العلامة" في "المرأة المجهولة" من إخراج محمود ذو الفقار.
وبعد هذه الأعمال التمهيدية ، تأتي أهم مرحلة من مراحل نجاح شادية في السينما التي قدمت فيها الشخصية النسائية المحورية ، في أهم أعمال الكاتب نجيب محفوظ والتي قدمتها السينما ، وكانت بداية هذه المرحلة المهمة في دور فتاة الليل المطحونة " نور" في فيلم اللص والكلاب والتي تساند " سعيد مهران "، الهارب من العدالة، إيمانا منها بعدالة قضيته. وأخرج الفيلم كمال الشيخ الذي جعل شادية تمثل فقط دون أن تغني ولأول مرة.
في مشوارها الفني في عام1962 وبعد ما يقرب من 14عاما صارت فيها نجمة الشباك الأول من خلال شخصيتها السينمائية التي تمزج الأداء التمثيلي بالأداء الغنائي ، يعكس اختيار كمال الشيخ لشادية للقيام بهذا الدور المختلف بوقعه وتعبيره، والذي جاء بدون شك عن اقتناع عميق من مخرج متمكن.

و نجحت شادية في تصوير شخصية "نور" التي لم تكن مجرد فتاة ليل بمواصفات السينما السائدة في هذه السنوات، ولكنها كانت أيضا، ومن خلال عمق فهم الشخصية وجودة رسم أبعادها، تلك المرأة التي ساعدت وعن اقتناع وفهم، ذلك الخارج عن النظام الذي أفسده صاحب الفكر المدمر وتخلي عنه عند السقوط، بدل أن يدافع عنه وعن الظروف التي دفعت به إلي الجريمة، مع أن اللص لم يكن سوي منفذ لآراء أستاذه صاحب الفكر المنحرف.
يأتي اللقاء الثاني بين شادية وأعمال نجيب محفوظ الروائية في دور " حميدة " الفتاة الطامحة والمتمردة في " زقاق المدق " .. تلك الفتاة التي عاصرت محنة التدهور الاجتماعي في ظل سطوة الأجنبي المحتل.
وتصاعد نجم شادية السينمائي بعد هذا النجاح الباهر حيث دعم مكانتها كممثلة قديرة ونجمة لها جماهير طاغية ويعاونها هذا في تحقيق المعادلة الصعبة بين النجاح الجماهيري والإتقان الفني، ومن ثم تم اختيارها للأدوار الإنسانية، والتي كان أبرزها دورها في فيلم " أغلي من حياتي " وكان نجاحها في هذا الدور معاونا لها في البحث عن أنماط أخري تمثل من خلالها شخصيات، وتعبر عن قدراتها في الأداء الكوميدي واستثمار مخرجي أفلامها لخفة ظلها الشديد وقدرتها الكبيرة علي أداء أدوار (الكاراكتر) وتنجح مع المخرج فطين عبد الوهاب بعد نجاحهما معا في فلم " الزوجة رقم13" في تقديم الأعمال الناجحة عبر أفلام اجتماعية انتقاديه ساخرة منها : "مراتي مدير عام " و " نصف ساعة جواز" و" عفريت مراتي" و" كرامة زوجتي " وفي الفيلم الاستعراضي " أضواء المدينة ".
بعد هذه الأدوار التي تحسب لها وتضيف إلي بريقها السينمائي، يأتي تألقها في تجسيد الملاحم والأساطير عندما قدمت شخصية (فؤاده) التي واجهت جبروت وسطوة " عتريس " في سياق فيلم " شيء من الخوف "، وهو العمل الذي أخرجه حسين كمال ليكون أول فيلم عربي من مصر يعرض في اليابان وتشتري حق عرضه شبكة التلفزيون القومية اليابانية (N.H.K) لتعرضه علي الناس مدبلجا باللغة اليابانية .

فترةالستينات فترة التدقيق


والسبعينات مرحلة الازدهار


وإذا كانت الستينات هي أعوام التدقيق والاختيار عند شادية بعد سنوات الانتشار الكمي في الخمسينات، فإن السبعينات كانت ازدهار في مجالات تعبيرها كمطربة مع الإصرار علي أن حساب القيم الفنية، بالنسبة لشادية "الممثلة" اعتبرت سنوات انكماش، ولهذا لم تقدم في السبعينات سوي أفلام "نحن لا نزرع الشوك" إخراج حسين كمال و"لمسة حنان" إخراج حلمي رفلة و"أضواء المدينة" إخراج فطين عبد الوهاب و" ذات الوجهين " إخراج حسام الدين مصطفي و" الهارب " إخراج كمال الشيخ و " امرأة عاشقة " و" أمواج بلا شاطئ " إخراج أشرف فهمي، ثم " الشك يا حبيبي " إخراج بركات.


مسرحية " ريا وسكينة "


تجربتها الأولى والأخيرة


أما في حقبة الثمانينات فكانت تجربتها المسرحية من خلال بطولتها لـ "ريا وسكينة" والتي استمر عرضها نحو ثلاث سنوات في القاهرة والإسكندرية وعدد من العواصم العربية. وقد حققت مبيعات الفيديو لهذه المسرحية رقما لم تتجاوزه حتي الآن أي مسرحية أخري، وهي المسرحية التي تميزت بالمعالجة الكوميدية لموضوع مثير يتعلق بحكاية أشهر قاتلتين في تاريخ الإجرام وهما "ريا وسكينة" ولا شك أن الغناء والاستعراض كونه جزءاً من التركيبة الأساسية للبناء المسرحي المذكور عاونا كثيرا علي نجاح العمل،خاصة وان الأداء الغنائي لم يكن مقحما علي النص، علي الرغم من وجود مطربة كبيرة مثل شادية تلعب البطولة المسرحية لأول مرة .. لكنها في هذا العمل قدمت أغان مرتبطة بالبناء العضوي لدراما المسرحية التي كتبها بهجت قمر وألف موسيقاها بليغ حمدي وأخرجها حسين كمال.
أثر شغل شادية بالمسرح علي استمرارية وجوها السينمائي فلم تقدم في الثمانينات إلا بعض الأعمال السينمائية القليلة " وادي الذكريات " إخراج بركات و" رغبات ممنوعة " إخراج أشرف فهمي الذي أخرج لها أيضا آخر ما عرض لها علي الشاشة الكبيرة " لا تسألني من أنا " والذي قدم في العام 1984 وحقق نجاحا كبيرا علي الرغم من أن الموضوع يدور في إطار الميلودراما السينمائية في فيلم مأخوذ عن قصة لإحسان عبد القدوس.


الالتزام والسلوك

إن شادية التي تملك أكثر من موهبة للتعبير، جربت كل ألوان العطاء التمثيلي عبر الراديو والسينما والمسرح والتلفزيون، لكنها لم تقدم خلال رحلتها الفنية أي مشاركة في مجال الدراما التلفزيونية، فاقتصر حضورها التلفزيوني علي الغناء المنقول من الحفلات العامة أو المصورة بكاميرات الفيديو في الاستديو.
إن أكثر ما يثير كل من يتابع حضور شادية الفني في الماضي والحاضر وحتى توقيت الاعتزال هو هذا البعد المميز لشخصيتها والتمثل في قدر كبير من الالتزام المتصل بأخلاقيات وسلوكيات صاحب الموهبة الممتلك لرصيد التجربة، المحب لعمله والحرص عليه، المقدر للآخرين عبر تشجيعه وتدعيمه للمواهب الشابة التي ظهرت بعده.
تميزت رحلة شادية مع العطاء، بذلك الصفاء الذهني والهدوء النفسي والقلق الإبداعي الذي أتاح لها تحقيق طموحاتها المتوهجة والتي واكبت بها انفعالات الناس، مما جعلها تشعر بمسؤوليتها تجاههم ولاسم شادية وحجمه الفني ورصيده الضخم والدائم ليظل متقدا ومتوهجا حتي بعد الاعتزال.
إن المرادف لاسم شادية في خريطة الفن العربي هو في تعبير " اللماحة ".. فقد ظلت هذه الفنانة ومنذ بداياتها وحتى اكتمال نضجها وتركها للأضواء برغبتها،هي تلك الشخصية الفنية المتطورة التي تستوعب الفكرة الجريئة والجديدة، وتقدمها لأنها وعبر عوامل الإحساس لأنها تعرف ماذا تريد بدقة وماذا يريد الناس منها أيضا؟
ولأن شادية تعرف بدقة ماذا تريد، فهمي ومن هذا الفهم تحدد نقطة البداية وتصل إلي محطة الوصول.. تعرف متى تبدأ .. وتعرف أيضا متى تتوقف ..
ولهذا كان النجاح المدوي في علاماتها العديدة، وكانت جميلة التأثير، باقية التعبير غزيرة الرصيد، ولهذا جاء قرارها الخاص بالاعتزال، وهو القرار الذي نحترمه لأنه يعبر عن صدقها ويميز كل تجربتها الماضية والحاضرة.


أداء أنيق ونبرات رقيقة

هي حالة خاصة من الحالات النادرة التي عرفت المستمع العربي كيف ينجذب إلي فنها في الوقت نفسه الذي عرفت فيه كيف تستمد من هذا التشجيع كل مقومات النجاح والتجديد التي جعلت منها اسما علي مسمي ..
صاحبة هذا الاسم لها صوت أليف معبر ينقل في حيوية شحنة أحاسيس تلامس الأذن وتخاطب المشاعر، وتصل إلي الوجدان بسهولة اقترابها من النفس التي تصل بها أيضا إلي مراكز الانفعال لدي من يتابع فنها المميز وعبقريتها في التعبير.
عطاء شادية في عالم الغناء أعطته ما يقرب من ألف أغنية قدمت من خلالها الأغنية الخفيفة والناضجة، القصيرة والطويلة، الوصفية والتعبيرية.. أجادت في كل مسار وتألقت في كل اتجاه ومن خلال ما عرفه عنها القاصي والداني في عالم الغناء من أداء أنيق متميز، وإحساس عميق، وانفعال صادق.
عرفت شادية الشهرة وهي لم تزل في بدايات أعوام المرهقة في نهاية الأربعينات، عندما أسند إليها محمد فوزي والمخرج حلمي رفله بطولة فيلمهما " العقل في أجازة" ولكي يعثر الملحن القدير علي النغمة الملائمة للاكتشاف الجميل، ولكي تظل هذه النغمة المسار الصحيح لشادية خلال مراحلها الفنية التي اتسمت بالنجاح ومنذ الخطوة الأولي وحتى آخر لقاء لها مع العطاء الفني. لم يفارقها النجاح، ولم يفارق إخلاصها وصدقها غالبية التجارب الفنية التي عبرتها ومرت بها.

مدارس التلحين والشعر

بدأت شادية وهي في البدايات، فتاة صغيرة السن تمثل وتغني في السينما، وتقدم أغاني الحب والسعادة.. مراهقة تعبر عن حالة مهمة في سنوات العمر، تغني في بهجة وتفاؤل وانشراح، هذا الغناء الذي جعلها تعبر عن ملايين الناس ممن رددوا أغانيها الجميلة والمعبرة. وحيث أصبحت نموذج البنت العربية المنطلقة في طموح لتخرج عن المألوف ولتكسر حدة الجمود ولتصبح فتاة أحلام أكثر من جيل تابعوا فنها بإعجاب كأشهر عروس قدمتها السينما العربية.
غنت شادية في مرحلتها المبكرة التي استمرت منذ نهاية الأربعينات وحتى نهاية الخمسينات، فقدمت بصوتها ملامح الطفولة والليونة المصحوبة بالذبذبات السريعة ذات البريق، حيث النقاء وسهولة أداء النغمات الحادة والقدرة علي ضبط النغمات، وحيث كان محمد فوزي من أكثر الملحنين تأثيرا فيها ، من ناحية رسمه للخط البياني لغنائها في أكثر ما لحنه لها من أغنيات منها " لقيته وهويته "- " أنا بنت حلوة " – " الحب له أوقات " – " متشكر" – " لأ يا سي أحمد " – " كتروا الخطاب ".
بعدها شهد صوت شادية تعاونا خلاقا عبر ألحان منير مراد الذي وجد فيها قيثارته الذهبية منذ حدث اللقاء الأول في أغنية " واحد .. اثنين "، وليتكرر النجاح في " سوق علي مهلك " – " دبلة الخطوبة " – " ياسارق من عيني النوم " – " خمسة في ستة " " حبيبي أهه " " القلب معاك " – " علي عش الحب " – " إن راح منك ياعين "، وفي الفترة نفسها عرف الفنان الراحل محمود الشريف كيف يوظف إمكانات صوت شادية في تقديم ألحانه المستمدة في أعماق الخصوبة الشعبية فنجحت في أغانيه " حسن ياخولي الجنينة " – " ليالي العمر معدودة " – " حبينا بعضنا " – " يانور عينه " – " شبكت قلبي " – " آه يا لموني " وغيرها.
كانت الخمسينات هي سنوات الازدهار الكبير في شجرة الغناء العربي .. وكان من الطبيعي أن يلتقي صوت شادية مع ألمع من ظهروا من ملحنين في تلك السنوات، وحيث أثمر اللقاء بين شادية وكمال الطويل أغاني منها " عجباني واحشته " – " الظلم حرام " – " قل أدعو الله " – " وحياة عنيك وفداها عنيه "، وأن يثمر اللقاء مع ألحان محمد الموجي أعمال عديدة منها " شباكنا ستايره حرير" – " ياقلبي سيبك " – " الورد والشوك " – وأن يعطي لقاء ألحان بليغ حمدي وغناء شادية أغنيات مثل " أبو عين عسلية " – " مكسوفة " – " أنا عندي مشكلة ".
ومع إقبال شادية علي غناء ألحان أبرز الفرسان من جيل الظهور في الخمسينات قدمت أيضا للأساتذة ممن سبقوهم عددا آخر من الأعمال، منها ما لحنه رياض السنباطي لها " إحنا في الدنيا ولا في الجنة " – " أحب الوشوشة " – " سبحان الله "، وما لحنه لها محمد عبد الوهاب من أغان مثل أغنية " أحبك " – وأغنية " بسبوسة " – وهي غير ألحانه لمجموعة الفنانين والتي كانت شادية الوحيدة التي غنت فيها جميعها بداية من أغنية " قولوا لمصر" وحتى أناشيد " وطني الأكبر" و " الجيل الصاعد " و " صوت الجماهير".
وتعد هذه الفترة من غناء شادية هي فترة العطاء المبكر الذي تميز بالذكاء في الأداء والاستفادة من القدرات النابعة عن موهبة صادقة صادقة، جعل شادية تجيد تقديم ألحان من وضعوا أشهر أغانيها دون أن تغير شخصيتها الفنية التي تكونت من المدرسة وفي البيت، وعبر تدريبات خاصة علي يد الملحن فريد غصن، الأمر الذي جعل معظم الألحان التي قدمتها شادية تبدو وكأنها ملازمة لطريقة أدائها، علي الرغم من حرص شادية علي الطابع الذي يميز أصحابها من الملحنين .. فبدت في أغنية " يا حسن يا خولي الجنينة يا حسن " لمحمود الشريف مختلفة عنها في " يا سارق من عيني النوم " لمنير مراد أو " الظلم حرام " لكمال الطويل أو " شباكنا ستايره حرير" لمحمد الموجي، أو غيرها.


أخصب المراحل الفنية
في الستينات عبر صوت شادية إلي مرحلته الثانية، وبعد مرحلة الأغنية القصيرة التي قدمتها في السينما، وانتقلت إلي الأسماع عبر الراديو لتقدم اسم شادية إلي الملايين التي عرفت هذا الغناء المنطلق في حيوية وشباب، وفي المرحلة الثانية تطور صوت شادية، بحيث تخلص من آثار الطفولة ودخل في طور آخر أكثر نضجا واستقرارا، ووضحت معالمه الفريدة، وحيث نمت قدراته في التعبير والتلوين والتمكن ... وتعد هذه المرحلة أخصب سنوات العطاء الغنائي في سطور شادية الغنائية، وقد عاونها علي تحقيق ذلك خبرة الخمسينات بمشاعر الناس ... وبعدما توقفت شادية فترة وتفرغت للتمثيل من دون غناء، عادت لتقدم " يا اسمراني اللون " – " قولوا لعين الشمس" – " خدني معاك " – " الحنه يا قطر الندي" – " والله يا زمان" – " ياروحي أنا " – من ألحان بليغ حمدي، وأيضا " غاب القمر" – "أنت أول حب" – "بوست القمر" – " شئ مش معقول " – " قاللي الوداع " – من ألحان محمد الموجي.
لقد تربت شادية علي هذا النضج في الأداء، قدرة علي تقديم مختلف الألوان الغنائية من خلال إدارة قوية جعلتها تحافظ علي جمال صوتها الذي نقول عنه وبشهادة فنانة دارسة هي المطربة عفاف راضي التي اهتمت بالتغيرات التي تطرأ علي الصوت في رسالتها الأكاديمية.. وجدت أن صوت شادية لم يتأثر في آخر ما سمعناه منها من غناء، وبعدما يقرب من أربعين عاما علي ظهورها أول مرة، وبحيث ظل الصوت يحافظ علي نقاوته ولمعانه وخصوصيته.. وقد أضيف لهذا التوصيف لصوت شادية ما نلحظه علي أغاني مرحلتها الثانية، ومن أبرزها أغنيات مثل "اسمراني اللون" لبليغ حمدي - " فارس أحلامي" لمنير مراد – "غاب القمر" لمحمد الموجي، وهي الإضافة المتمثلة فيما طرأ علي جمال الصوت الذي زادته الأيام حلاوة وإحساسا في التعبير، جعلتها تقدم بشجاعة علي محاولاتها الغنائية التي قدمتها.. ومن خلالها أضافت الجديد في العطاء والجديد من الأسماء وعبر حنوها علي الجديد، وتشجيعها لهذا الجديد الذي قدمته في سنوات السبعينات والثمانينات، والتي كان من أبرزها أغنيات "أتعودت عليك" – "الحب الحقيقي" لخالد الأمير – "يا روح قلبي" لإبراهيم رأفت، وهي غير اتجاهاتها المتمثلة في احترام الرواد وتقدير الأصالة، وهو سلوك لم يغيب عنها منذ أن فكرت في أن تنتج فيلما غنائيا أسندت تلحين جميع أغانيه للموسيقار رياض السنباطي، وهو فيلم " ليلة من عمري" إخراج عاطف سالم، وحتي عودتها لغناء الحان أحمد صدقي ومحمود الشريف في الحفلات العامة، عندما غنت لكل منهما "أجمل سلام" ثم " مسيرك حتعرف "، وحيث كانت هذه الأغاني من أشهر ما قدمت في الحفلات الغنائية التي قدمت خلالها "رحلة العمر" لكمال الطويل – "أحلف ماكلمته " لمحمد الموجي – " ليلة سهر" لبليغ حمدي – " همس الحب " لسيد مكاوي.
لقد تميزت المرحلة الثالثة من غناء شادية بالتعاون مع ألحان وكتابات الشباب، وهو ما أعطي صوت شادية قدرة علي التنويع في إضفاء التعبير المناسب وحسن اختيار نبرة الصوت الملائمة لإبراز الجو النغمي والنفسي المراد الغناء له.
وتعد غنائيات شادية في تلك السنوات الأبرز بالنسبة للأيادي التي امتدت لشادية فأخذت بها وعاونتها فأصبحت في مكانة نقطة التحول المهمة في مسيرة شادية وعلي نحو نراه في لحن عما الشريعي " أقوي من الزمان " ولحن خالد الأمير " أتعودت عليك " ولحن إبراهيم رأفت " أنا وقلبي" ولحن محمد علي سيلمان " أصالحك بأيه " ولحن عز الدين حسني " الأسمر".
وما فعلته شادية مع أهل النغم سبق أن قامت به مع أهل الكلمة من أصحاب الكلمة الطيبة، فبعد نجاحات مع كلمات مرسي جميل عزيز، حسن السيد، فتحي قورة، أبو السعود الإبياري، محمد علي أحمد وجليل البنداري، تعاونت شادية مع شعراء العامية وكتاب الأغنية من الجيل التالي، وكانت أغانيها من أبرز علامات البدايات في حياة أعلام، مثل عبد الوهاب محمد وأغنية " التليفون" وعبد الرحمن الأبنودي وأغنية "اسمراني اللون" ومجدي نجيب وأغنية " قولوا لعين لشمس" ومحمد حمزة وأغنية " عالي .. عالي" ومصطفي الضمراني وأغنية " أقوي من الزمان "، وصلاح فايز وأغنية " الحب الحقيقي" وعبد الرحيم منصور وأغنية " يا أم الصابرين ".


صوت لا يعرف النشاز
إن صوت شادية بمواصفاته الأنيقة وأدائه المعبر الذي وصل إلي السماء العربية عبر الراديو والسينما والكاسيت والاسطوانة، وأيضا من خلال تجربتها الوحيدة في المسرح، هذا الصوت بمثابة كتاب مفتوح الصفحات يعرف الناس مزاياه مثلما نعرفها ... فهو الصوت الذي قالت زعيمة الغناء العربي أم كلثوم عنه "إنه الحنان ذاته"... فهو صوت يعبر عن النفس الطيبة لصاحبته، ويصل إلي مشاعر الذين يحبونها عبر جسر من صوتها الحنون البديع. وما قالته أم كلثوم أضاف إليه العندليب الراحل عبد الحليم حافظ وصفا تعبيريا عندما قال "إن صوت شادية لا يعرف النشاز فهو ينتقل كالعصفور الطليق من نغمة إلي أخري، ومن مقام إلي مقام، في بساطة ويسر من يعرف ومن يجيد ومن يسهل عليه الغناء".


كل هذا الحب


وعلي الرغم من الجماهيرية التي أحاطت شادية خلال مراحلها الفنية التي استمرت ثلاث حقت متتالية، فإن شادية لم تركن في عطائها إلي باقة الحب الذي يحيط بحضورها، لأنها وهي تعرف مكانتها كنجمة كبيرة، تعرف أيضا أن النجومية تنبع كذلك من عناصر النبوغ والتفوق، وأن استمرارية اسم شادية – وحتي بعد قرارها الاعتزال – الذي لم يترتب عليه تغيير في إقبال الناس علي اقتناء أعمالها السينمائية الغنائية، هو أمر يعود لأنها في سنوات العطاء أكدت الموهبة بالتثقيف والصقل والتدريب بحيث زادتها الأيام رونقها لم تفلح معه محاولات الابتعاد وهجر الأضواء، وعلي نحو نشهد مؤشراته في مبيعات أشرطة أغانيها، وفي طلبات المستمعين والمشاهدين ممن يكتبون للراديو والتلفزيون، ولأبواب البريد في الصحف والمجلات، ويتناولون فن شادية وكأنها في بؤرة الاهتمام ولم تترك الساحة باختيارها وقرارها، والناس تقول لها مستحسنة: أعد .. أعد ! وهي تغني مسك الختام، رائعتها "خذ بإيدي" لحن عبد المنعم البارودي وكلمات علية الجعار.

صوت مصر

إن الصدق هو مرجع كل هذا الحب .. فقد كانت شادية صادقة في كل ما صدر عنها من غناء وتمثيل، وهي كذلك كانت صادقة في قرارها بهجر الأضواء واعتزال العمل الفني.
إن مجالا معينا من مجالات تعبير شادية بيرهن علي قيمة الصدق في بقاء ما يصدر عن الفنان الموهوب.. ولو اخترنا مجال الغناء للوطن، ومواكبة انفعالات الإنسان في هذا الوطن، فسوف نلحظ قيمة اللقب الذي أعطته الجماهير لشادية عندما وصفتها بصوت مصر.
لقد غنت شادية ومنذ سنوات البدايات أغنية "يا بنت بلدي زعيمنا قال قومي وجاهدي ويا الرجال" عندما اعترفت ثورة عبد الناصر للمرأة بحقها السياسي.. كما غنت " يا مسافر بور سعيد " عندما نشبت حرب العدوان الثلاثي عام 1956.. وغنت من ألحان رياض السنباطي " الشعوب لما تريد " عندما قويت شوكة حركات التحرير في وطننا العربي وعالمنا الثالث .. وغنت " كلنا عرب " عندما قامت حرب عام 1967.. وفي سنوات الصمود في حرب الاستنزاف وقبل حرب رمضان (أكتوبر) غنت " يا طريقنا يا صديق" و" يا حبة عيني يا بلدي" – " يا حبيبتي يا مصر" – "يا أم الصابرين" – "غنيوة الأسمر". وعندما اعتدت إسرائيل علي الأطفال في مدرسة " بحر البقر" غنت بعيون دامعة " الدرس انتهي لموا الكراريس".. ومع انتصارات رمضان في أكتوبر 1973، غنت " عبرنا الهزيمة "، ثم بصلابة التحدي غنت " أقوي من الزمان" ومع عودة مصر للأشقاء العرب وعودة الأشقاء لها، غنت شادية " ادخلوها سالمين" – و" وحياة رب المدين "، وهي غير الأغنية المبهجة التي عربت عن فرحة عودة سيناء للسيادة الوطنية من خلال أغنية " مصر اليوم في عيد " التي لحنها الدكتور جمال سلامة.
عرفت شادية كيف تبتعد بغنائها لهذه الوطنيات عن الأناشيد الزاعقة وعلي نحو كان يمثل غناء البعض. ومن هنا كان نجاحها في تقديم أغنية حب مستمدة من الإحساس بالوطن والإدراك لمعني الانتماء لحضارته وثقافته والإيمان بمعتقداته.
لخصت شادية بغنائها الصادق للوطن والإنسان في هذا الوطن، المعني الكامن من وراء ارتباطها بالناس وحبها وعشقها للأرض التي ترعرعت عليها وأعطتها كل ما تحلم به من نجاح وشهرة وحب وهداية.
إن التغريد وصف مشتق من تغريد الطيور المشهود لها بحلاوة الصوت... ولهذا كان وصف رياض السنباطي لصوت شادية بأنه في حلاوة تغريد البلبل بمثابة التعبير الأمثل عن هذا الصوت الذي يتسع عبره نطاق التعبير من مناطقه العالية والحادة إلي مناطقه المنخفضة في القرار، ومن خلال اتساع ومرونة في التعبير في المنطقة المتوسطة، لا يعتريها أي تغيير في اللون أو الطابع وعبر دقة كاملة في ضبط النغمات وإبراز نهايات العبارات في نقلات واضحة وصريحة، هي في الأذن تعني سلامة النبرات وجمال مخارج الألفاظ التي تبدو في نطق الحروف علي هذا النحو الممتاز والذي يشهد عليه غنائها للقصيدة الصعبة التي لحنها رياض السنباطي وكتبها الشاعر محمود حسن إسماعيل " فوق صدر الضحى مال أغلي شعاع ".

إن شادية هي اسم علي مسمي .. لأن شدوها يعني مرونة التعبير، ليس فقط بمكونات الصوت ولكن بملامح الوجه، مصحوبة باختيار نبرة الصوت الملائمة ومضافا إليها موهبة الحضور وصفات النجومية غير العادية التي أهلت لهذا الصوت الاستقرار في الوجدان، علي الرغم من الحزم في إعلام قرار الاعتزال، وترك ساحة الغناء لقلة نادرة من أصحاب الأصوات الحلوة، وكثرة باغية من أصحاب الأصوات المثيرة للآلام و الأوجاع!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معرض الصور

معرض الصور


من البداية