أخبار الجزيرة المصورة

11 فبراير 2010

رحيــل محمــد بكــار أنـبل فرسـان الصحافة بعد صراع مرير مع المرض تاركا الزن فى قلوب محبيه

فى وقت كان فيه الصمت من ذهب والكلام من شوك فضل أن يمشى على الشوك حافيا على أن يضع الذهب فى فمه وجيبه .. لقد كان أفضل من وضع للصحافة الرياضية بالإسكندرية ميزانا وسطر اسمه بحروف من نور فى سجل النقاد المخلصين لعملهم ولناديهم بحب وانتماء .. علم الكثيرين من فرسان الصحافة الرياضية مبادئ وفنون المهنة وشرفها السامى وكان مضربا للأمثال فى نبله وأخلاقه التي كانت لا تنتمي لعصرنا الحالي عصر الماديات ومصلحتي أولا وأبجنى تجدني ، وما أكثر أن تجد لمنتفعى هذه المدرسة من أسماء براقة و ساطعة.
محمد بكار الصحفى السكندرى الأشهر الذي وافته المنية صباح اليوم ( الخميس ) بعد صراع مع المرض .. فلم يستطع أن يقوى على علته التي أخفاها عن الناس ( كل الناس ) بمن فيهم السيدة حرمه وولديه احمد ومصطفى ، وكانت إرادة الله عز وجل هي النافذة لتصعد روحه الطاهرة إلى السماء ويخسر الجميع فارسا نبيلا وصحفيا شجاعا احترمه خصومه قبل محبيه لنزاهة قلمه الذي كثيرا ما أمتع الوسط الرياضى وصنع نجوما مازالت تتلألأ فى الأوساط الرياضية خاصة السكندرية من لاعبين ومدربين وإداريين ومجالس إدارات.

رحل محمد بكار رفيقي في العمل الصحفي لسنوات طويلة تاركا خلفه سجلا ناصعا من النزاهة والشرف هما كل أسلحة ولديه احمد ومصطفى والزوجة المحترمة التي أكرمه الله بها.. رحل الأستاذ النقي والفارس النبيل الذي يشعرك ( بجدعنة ولاد البلد ) .. رحل إلى الدار الآخرة بعد أن وضعت الأقدار نهاية لآلامه تاركا برحيله جرحا غائر فى قلوب اصدقائه وزملائه ومحبية.
وكان الوداع بالغ القسوة على الجميع .. خاصة الذين حرصوا على المشاركة فى مراسم تشييع الجثمان ليرقد بمدافن المنارة .. يتقدمهم النائب المهندس محمد مصيلحى رئيس نادى الاتحاد السكندرى ود. شريف الحلو عضو مجلس الإدارة والكابتن محمد فتحى الحكم الدولى السابق والمدير الادارى للفريق الأول بنادى الاتحاد وإيهاب جابر مدير الكرة بنادى الاتحاد وفتوح حجازى المدير المالى ومحمد الكيلانى نقيب الصحفيين بالإسكندرية وإيهاب ثابت وكيل النقابة
والسيد سعيد سكرتير النقابة وكريم صلاح أمين الصندوق ومنى عبد السلام عضو المجلس .. وحسين ثابت مدير مكتب جريدة الأهرام بالإسكندرية ونائبه عبد القادر إبراهيم وعصام رفعت الصحفى بالأهرام الاقتصادي وناصر جويدة الصحفى بقسم الحوادث بجريدة الأهرام وعمرو الفار رئيس تحرير جريدة جماهير الاتحاد والصحفى بالمساء والكابتن فتحى سيد احمد مدير تحرير جريدة ميدان الرياضة وفهمى سيد احمد رئيس تحرير جريدة الملاعب الرياضية والصحفى بجريدة الاتحاد السكندرى والكابتن وليد شعبان الحكم الدولى المساعد ورئيس تحرير جريدة الاتحاد السكندرى ومحمد فؤاد مدير مكتب جريدة الشروق بالاسكندرية واحمد حسن الصحفى بالجريدة وطارق حمدى وهيثم الشيخ من وكالة أنباء الشرق الأوسط وحسنى حافظ الصحفى بجريدة الوفد واشرف منير مدير مكتب جريدة المسائية بالإسكندرية واحمد حسن بكر .. ومن نجوم الوسط الرياضى الكابتن احمد الكأس نجم الاوليمبى ومنتخب مصر السابق والكابتن بوبو صخرة دفاع الاتحاد الأسبق ومدير العلاقات العامه الحالى بالنادى والكابتن هانى توشكى المدير الفنى للترام ويوسف حمدى لاعب الاتحاد السكندرى والزمالك الاسبق ونجم طنطا الحالى ومحمد بسطاوى المدير الادارى الاسبق بالاتحاد السكندرى.. وعدد كبير من أعضاء مجالس إدارات أندية الإسكندرية والمدربين واللاعبين والجماهير الرياضية .
محمد خليل بكار احد ابرز النبلاء فى هذا الزمن .. محمد بكار الذي ظل سنوات طويلة جندى مجهول فى ميدان الرياضة التي شهدت نبوغه وسطوع نجمه بعد سنين من العمل الدؤب والجهد المضني ليحصد بكتاباته وأخباره الصادقة الحب كله من الجميع سواء من كانوا معه فى المطبخ الصحفي أو مصادرة الصحفية المتعددة والثرية .
محمد بكار الذي كان أشبه بترسانة من الأخبار المتنقلة ، وكان فى استطاعته كتابة جريدة بكاملها من أخبار وحوارات وموضوعات وكواليس ومباريات ومتابعات وغير ذلك من فنون الإبداع الصحفي الذي لا تشعر معه بالسفه أو الملل.
كثيرون هم الذين تعلموا فى مدرسة محمد بكار.. وكثيرون هم الذين نقلوا أخباره وقدموها لصحفهم ليصنعوا لأنفسهم مجدا زائفا .. كان يشاهد السرقة العلنية والسطو المسلح لموضوعاته الصحفية بعينه ويكتفي بالابتسام إما إشفاقا أو رضاءا . لم يثور يوما ما فقد كان الهدوء والسكينة من صفاته .. كان البعض يعتبره متعاليا وهو الذى كان يمنح الاخرين التواضع .. اعتبروه مغرورا وهو الذى كان يثق فى قدرات نفسه.. لم يلهث خلف النجوم مثلما يسعى البعض بل كان يصادقهم ويرتبط معهم بعلاقات موده وحب .. المثير ان غالبية نجوم الكرة الذين مروا على اندية الاسكندرية كانوا يحترمونه ويقدرون اسمه وتاريخه الصحفى قبل الوصول الى عاصمة الثغر ، ويزداد احترامهم له كلما اقتربوا منه .. لم يكن لغزا أو لوغاريتما يحتاج من يحل رموزه مثل غالبية العاملين فى الوسط الصحفي بل كانت البساطة عنوانه والتواضع من شيمه.
اكتشفت ذلك فى وقت قصير فقد كان لى شرف الاقتراب منه أثناء عملى بجريدة ( ميدان الرياضة ) حيث كان مكتبه مجاور لمكتبى واعترف ان ذلك منحنى القدرة على الإبداع والتأثر بمدرسته المحترمة منذ جاورته فى بداية من عام
1992 ، ومن ينكر أننا تعلمنا منه الكثير وأنا واحد من هؤلاء .
كان أستاذا وصحفيا بارعا ، لديه قدرة عجيبة على صناعة الخبر وكتابته بطريقة ميزته عن غيره حتى استطاع أصحاب الخبرة تمييز حروف كلماته حتى لو اندست فى ملفات متشعبة .. مملكة الابداع جاهزه لديه فى اى وقت لتضخ عطاءها لماكينات الطباعة ليقرأ الجميع كوكتيل من الاسقاطات والاخبار والاراء والتواصل الفنى البديع.
كانت أوقات الراحة بالنسبة له يقضيها فى القراءة بصورة تجعلك تشعر انك أمام المتنبي شاعرا .. أو يوسف إدريس قصاصا أو أستاذا فى التاريخ والتأريخ .
لم يكن يرضى بالحروب الصحفية .. ولا يميل للحملات أو التعرية بقدر ما يهمه فى المقام الأول الخبر وجدواه .
اذكر انه قال لى ذات يوم : الصحفي الذي يعرف جيدا مبادئ الصحافة يعانى كثيرا .. فمعروف فى الصحافة أنها تحترم أسرار المهنة ، والصحفي الذي يخون سر مهنته .. ويفشى مصدر خبره ، لاستحق أن يكون صحفيا أو يحمل اسم صحفى.
ما قاله بكار لى لم يدرس فى كليات الإعلام أو الصحافة بل كان نهجا يسير عليه وعلمه للكثيرين .. لم يعرف قط مدرسة الفبركه او اجراء حوارا مع رياضى يكتبه من مكتبه ..بل يبحث وينقب حتى يعثر على المصدر المطلوب .. واذكر ان طلب منه ذات يوم حوارا مع الكابتن محمد عمر المدير الفنى السابق لمنتخب مصر العسكرى الذى كان قد تعاقد مع احد اندية لبنان ولم يجد بكار الذى يعرف كل كبيرة وصغيرة عن تاريخ عمر الا الاتصال به اتصالا دوليا ليقدم الموضوع فى موعده .
مع محمد بكار كنت أعيش الزمن الجميل .. فقد رايته يضحك عندما يضحك أصدقاؤه ويضحى بما يملك من اجل إسعاد الآخرين.. وكان يجد متعة ورضا في ذلك ، وفى المقابل كان يحظى من أقرانه بحب واحترام غير عادى خاصة الذين يقدرون نبل مشاعره وكرم أخلاقه وشهامته .
آخر مرة التقيته كان قبل أيام تحدثت معه عن موعد صدور الملاعب الرياضية في الأسواق وتطرق الحديث عن التبويب الخاص بالجريدة ورؤيته .. كانت الأفكار تتدفق من لسانه إلى مسامعي وأنا أنصت إليه باهتمام بالغ .. لقد قال لى اننى سأكتفي بكتابة مقالا أضع فيه كل ما أريد أن أقوله للناس على أن أتولى معك الجوانب الفنية فى المطبخ الصحفى للجريدة .. وبالغ معى فى شهامته غير المحدودة عندما قال لى مداعبا " طبعا كل ده ببلاش حبا فى أبو خليل " وياليت الظروف ساعدتني كي يرى الإصدار طريقه للنور قبل أن يرحل وافقد أغلى واعز مقال للأستاذ بكار.
رحم الله الفقيد وعوضنا الله عنه خيرا فى ابنائه والسيدة حرمه ، واسكن الفقيد فسيح جناته بقدر ما اعطى لدنياه من حب وخير وطاعة لله ورسوله .. اللهم آمين .
إبـراهيـــم حشــــاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معرض الصور

معرض الصور


من البداية