فيديو الدووره فى دسوق
أحتفالات المولد النبوي الشريف فى ذاكرة المسلمين
المصريون عامة يحبون آل البيت، لكن حبهم للرسول (صلى الله عليه وسلم) أشد، ويقيمون الاحتفالات الدينية الضخمة لأفراد آل البيت المدفونين في مصر، مثل: الإمام الحسين والسيدة زينب، والتي يحضرها الملايين من عامة الشعب المصري ويسعون إليها بدأب كل عام.
ولكن تظل ذكرى مولد الرسول (صلى الله عليه وسلم) درة الاحتفالات الدينية على الإطلاق، فجميع أهل مصر يحتفون بها احتفاء كبيرًا بإحياء الشعائر الإسلامية، وتناول الحلوى، وكأن هناك علاقة وثيقة ـ في نظر المصريين ـ بين ميلاد الرسول (صلى الله عليه وسلم) والطعم الحلو، وليس هذا فحسب بل إنهم صنعوا لتلك المناسبة عروسًا ليختلط الوقار المتمثل في ذكرى ميلاد الرسول (صلى الله عليه وسلم) بطعم السكر في الحلوى، مع أجواء الفرح بالعروس، باعتباره أحلى الاحتفالات على الإطلاق!! وتاج المشاعر الدينية!!.
وقد حاول الحكام على تعاقبهم واختلاف أجناسهم استغلال تلك الخصوصية عند المصريين وتقربوا إليهم، وحاولوا استمالتهم بالاهتمام بكل الاحتفالات الدينية، وعلى رأسها المولد النبوي الشريف، حتى إنهم غالوا في مظاهر تلك الاحتفالات، وصرفوا عليها ببذخ كبير، بدءًا من الخلفاء الفاطميين الذين لعبوا على المشاعر الدينية باقتدار، وتمكنوا من بسط نفوذهم إلى بلاد كثيرة من العالم الإسلامي.
ويذكر المؤرخ "عبد الرحمن الجبرتي" الذي عاش في زمن الحملة الفرنسية على مصر أن "نابليون بونابرت" اهتم بإقامة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف سنة 1213هـ 1798م، من خلال إرسال نفقات الاحتفالات وقدرها 300 ريال فرنسي إلى منزل الشيخ البكري ( نقيب الأشراف في مصر) بحي الأزبكية، وأُرسلت أيضًا إليه الطبول الضخمة والقناديل.. وفي الليل أقيمت الألعاب النارية احتفالاً بالمولد النبوي، وعاود نابليون الاحتفال به في العام التالي لاستمالة قلوب المصريين إلى الحملة الفرنسية وقوادها.
ويرى البعض أن الاهتمام الشديد لدى المصريين بتلك الأعياد الدينية ما هو إلا ميراث مصري قديم يضرب بجذوره في عمق التاريخ المصري الذي شهد اهتمامًا بإقامة طقوس وتقاليد دقيقة في أعياد جلوس الملك على العرش وعيد ميلاده وعيد الحصاد وعيد وفاء النيل، ومن ثم ورث المصريون من أجدادهم ذلك الاهتمام بطقوس الاحتفالات الدينية فيما بعد.
وعن بداية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، يذكر أن الفاطميين الذين جاءوا إلى مصر من بلاد المغرب على يد قائدهم "جوهر الصقلي" كانوا ينسبون أنفسهم إلى السيدة "فاطمة الزهراء" ابنة الرسول الكريم وزوجة الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه)؛ ولذا اهتموا بإحياء المناسبات والأعياد الإسلامية خاصة موالد آل البيت والمولد النبوي الشريف.
وقد حاول الخليفة الفاطمي "المعز لدين الله" عندما جعل مدينة القاهرة عاصمة خلافته أن يستميل الشعب المصري، فأمر بإقامة أول احتفال بالمولد النبوي الشريف عام 973هـ.
وذكر المقريزي في خططه الاحتفالات التي اهتم الفاطميون بها وهي الموالد الستة، وفصّلها بأنها مولد الإمام الحسين (5 ربيع الأول)، ومولد السيدة فاطمة الزهراء (20 جمادى الآخرة)، ومولد الإمام على (13 رجب)، ومولد الإمام الحسن (15 رمضان)، ومولد الرسول (صلى الله عليه وسلم) (12 ربيع الأول)، وأخيرًا مولد الخليفة الحاكم للبلاد.
وقد حاربت الدولة الأيوبية الاحتفالات والتقاليد الفاطمية لمحو نفوذ الفاطميين من العالم الإسلامي، ولأن الدولة الأيوبية كانت سنية المذهب بينما سابقتها شيعية مغالية، لكن المصريين عادوا للاحتفال بالمولد النبوي في عصر المماليك .
وتوارث المصريون عبر الزمن الاحتفال بالمولد النبوي حتى عصرنا الحالي، ولم تتغير مظاهر الاحتفال كثيرًا عن العقود الماضية، خاصة في الريف والأحياء الشعبية في المدن الكبرى.
ومع بداية شهر ربيع أول من كل عام تُقام سرادقات كبيرة حول المساجد الكبرى والميادين في جميع مدن مصر خاصة في القاهرة؛ حيث مساجد أولياء الله والصالحين، كمسجد الإمام الحسين والسيدة زينب (رضي الله عنها) تضم تلك الشوادر أو السرادقات زوار المولد من مختلف قرى مصر والباعة الجائلين بجميع فئاتهم وألعاب التصويب وبائعي الحلوة والأطعمة وسيركا بدائيا يضم بعض الألعاب البهلوانية وركنا للمنشدين والمداحين، وهم فئة من المنشدين تخصصت في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم .
وتعد "حلوى المولد" من المظاهر التي ينفرد بها المولد النبوي الشريف في مصر؛ حيث تنتشر في جميع محال الحلوى شوادر تعرض فيها ألوان عدة من حلوى المولد على رأسها السمسمية والحمصية والجوزية والبسيمة والفولية والملبن المحشو بالمكسرات.
كما تصنع من الحلوى بعض لعب الأطفال التي تؤكل بعد انتهاء يوم المولد وهي عروس المولد للبنات والحصان للأولاد .
وقد ارتبطت ذكري المولد في وجدان جميع الأطفال المصريين على مر العصور بهذه العرائس واللعب.
ويذكر المؤرخون أن الفاطميين هم أول من بدأ في صنع العروس من الحلوى في المولد.
وذكر المقريزى أنها كانت تصنع من السكر على هيئة حلوى منفوخة وتجمل بالأصباغ، ويداها توضعان في خصرها وتزين بالأوراق الملونة والمراوح الملتصقة بظهرها.
وتؤكد الشواهد التاريخية أن عروس المولد مصرية خالصة، ويحاول بعض المؤرخين الربط بينها وبين تقليد عروس النيل في عهد المصرين القدماء.
وقد تعرضت عروس المولد التقليدية لتحديات عديدة في السنوات الأخيرة؛ بسبب تحذيرات الأطباء من تأثيرها الضار على أسنان الأطفال وخطورة الأصباغ والألوان الصناعية المستخدمة في صنعها، وهو ما أدى إلى عزوف الآباء عن شرائها للأطفال، لكنها ظهرت في صورة مصنوعة من البلاستيك تزين بالأقمشة الشفافة الملونة والمراوح الخلفية بأشكال وأحجام متعددة، وتتميز بأنها عملية؛ فهي أطول عمرًا ولا تتعرض للكسر، ولا تؤكل فتعرض صحة الأطفال للأضرار التي كشفها الأطباء، وكأن لسان حال الجميع أصبح يرى ذكرى مولد الرسول (صلى الله عليه وسلم) يجب أن تظل فرصة للبهجة خالية من كل المواجع؛ فالخير لا يأتي إلا بالخير.
ومدينة دسوق التى تتميز بالطابع الدينى والشعبى مازالت تهتم بالاحتفال بهذه الذكرى العطرة على طريقتها الخاصة .. وهناك طقوس لتلك الاحتفالات يقوم بها الحرفييون واصحاب المهن المختلفة بالخروج الى الشوارع بصورة منظمه يعرضون سلعتهم لعشاق الرسول ومحبيه وترديدبعض الاغانى الدارجه التى تعمق فى النفوس ذكرى المولد .. ورغم ما يصاحب ذلك من بعض التجاوزات الاانها تبقى فى ذاكرة اهالى المدينة والقرى المجاورة احد الطقوس الفريدة والغريبة التى تظل عالقة ولذلك تحظى باهتمام كبير وواسع .
* شاهد فيديو ( دسوق اليوم ) وهو يسجل احتفلات ابناء دسوق بذكرى مولد الرسول الكريم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق