أخبار الجزيرة المصورة

21 فبراير 2012

محمود "شكوكو" ورائد فن المونولوج



عاشوا بيننا وأثروا الفن على الرغم من اختلاف عصرهم عن عصرنا واختلاف جيلهم وجيلنا، إلا أنهم حوّلوا حياتنا إلى متعة بفنهم.
"شكوكو" واحد من النجوم الذين صنعهم جمهور الطبقة الشعبية البسيطة، فمن الطبيعي أن يبحثوا عمَّن يمثلهم تمثيلًا حقيقيًا على شاشة السينما، ويكون بطلًا بسيطًا مثلهم يتسم بالرجولة والشهامة والجدعنة والفهلوة، فمن الممكن أن يكون "مكوجيًا" أو أسطى نجار مثلًا إذا لزم الأمر، ولم يكن هناك من هو أنسب منه، علَّم نفسه بنفسه وأصبح على مدار الـ55 عامًا من العمل المتواصل أن يصبح ملكًا متوجًا على عرش فن "المونولوج" الذي يعتبر رائده الأول.
اسمه الحقيقي محمود إبراهيم إسماعيل موسى، وُلد بحي الدرب الأحمر بالقاهرة في 1مايو 1912، كان يعمل نجارًا مع والده في ورشته الخاصة، وظل يعمل مع والده حتي سن العشرين من عمره.
ظهرت عليه الموهبة منذ الصغر وكان يمتاز بخفة الدم، فلم يقتصر على مهنته فقط، بل استطاع أن يقدم فنَّه من خلال الفرق التي كانت تعترض محل والده وكانت تقدم العروض في المقاهي، حيث عمل مع الفرقة من باب الهواية حتى يثري موهبته، وكان يقدم لهم النكت الفكاهية والمواويل الشعبية، وظل يعمل معهم، ثم ذهب ليغني في الأفراح مجانًا، ويكتسب خبرة وشهرة ليذيع صيته بعد أن أخذ لقب "شكوكو" من أبيه الأسطى ابراهيم شكوكو.
وبعد افتتاح الإذاعة بعامين، وجد محمد فتحي بلبل الإذاعة ضالته في هذا الشاب وطلب منه أن يغني فيها، وذلك عام 1936 ليبدأ مشواره الفني كـ"مونولوجست" يغنى الأغاني الفكاهية، وترك ورشته لأخيه الأصغر وفي نفس العام كون فرقة استعراضية مع سعاد مكاوي، وثريا حلمي، وكان يقدم استعراضاته ومنولوجاته على مسرح الأوزبكية، وقد حققت الفرقة نجاحًا كبيرًا لدرجة أنه استأجر سينما كشمير في شارع فؤاد وقام بتحويلها إلى مسرح يحمل اسم فرقته.
وعلى عكس كل ممثلي الكوميديا الذين جاءوا قبله وبعده أيضًا لم يكن "شكوكو" بحاجة إلى من يرسم له شخصيته الفنية، لم يكن بحاجه إلى عبقرية مثل "الريحاني" أو بديع خيرى كي يرسم لاستيفان روستي دور الشرير خفيف الظل، أو تمنح ماري منيب ثوب الحماه، أو تلبس زينات صدقي شخصية الخادمة أو العانس، أو تبتكر لحسن فايق نمط الرجل الساذج الضعيف، وهكذا كان السينمائيون يريدون "شكوكو" على الصورة التي هو عليها في الحقيقة والتي لولاها ما كانوا التفتوا إليه من الأساس.
وانتقل إلى العديد من الفرق المسرحية، بداية بفرقة الكسّار حيث عمل بها مقدمًا للمنولوج والفكاهات، إلى جانب بعض المشاهد التمثيلية، وأعاد بها فن الأراجوز، ثم التقطته فرقة حسن المليجي وعمل بها لفترة طويله، ثم انضم إلى فرقة محمد الكحلاوي ومن هنا بدأت شهرته تزداد من خلال عمله مع هذه الفرقة.
كانت بدايات "شكوكو" في السينما على يد المخرج نيازي مصطفى في فيلمين متتاليين في نفس العام 1944، الأول "حسن وحسن" مع المطرب محمد الكحلاوي، والثاني "شارع محمد علي" مع عبد الغني السيد، بشخصية تكاد تكون واحدة في الفيلمين، وبعد ذلك قدم "أحب بلدي" من إخراج حسين فوزي مع الفنان أنور وجدي، وكون ثنائي ناجح مع اسماعيل ياسين في الكثير من الأفلام ومنها، "البني آدم" لنيازي مصطفى 1945.
وقد اشتهر "شكوكو" بشخصية ابن البلد الجدع فلم يمثل غيرها تقريبًا سواء كان بطلا أم ممثلًا مساعدًا، وسواء كان ابن الحارة الشعبية في "شباك حبيبي" لعباس كامل 1951، أو خادمًا في منزل عماد حمدي في "ست البيت" لأحمد كامل مرسى 1949، أو صديقًا مخلصًا لفريد شوقي في "الأسطى حسن" لصلاح أبو سيف 1952، أو مساعد في عيادة الطبيب البيطري "خد الجميل" لعباس كامل 1951، أو عاملًا في مخبز بلدي في "بائعة الخبز" لحسن الإمام 1953.
وأول بطولة مطلقة له عام 1946 في فيلم "عودة طاقية الإخفاء"، وفي عام 1947 قام ببطولة فيلمين آخرين "البريمو" مع بشارة واكيم، وسهام رفقي وإخراج كامل التلمساني، ثم "بنت المعلم" مع سعاد مكاوي وإخراج عباس كامل، وأمام نفس البطلة يأخذ "شكوكو" بطولة فيلم آخر هو "حدوة الحصان" عام1949، أما آخر بطولاته وأهمها على الاطلاق، والتي لازالت عالقة بالأذهان كان دوره في فيلم "عنتر ولبلب" مع الفنان سراج منير على يد المخرج سيف الدين شوكت وعرض في أبريل سنه 1952، مثَّل محمود شكوكو في بعض الأفلام الملونة في أواخر أيامه بأدوار ثانوية.
كان محمود "شكوكو" هو الفنان المصري الوحيد الذي صنع له دمى صغيرة على شكله بالجلباب البلدي والقبعة المميزة التي كان يرتديها، وقدم لمسرح العرائس شخصية الأراجوز الشهيرة التي يتدرب عليها طلبة معهد الموسيقى ومعهد التمثيل، واستخدم خلال تقديمه لهذا الفن عرائس المارونيت، ومن الأسرار التي قد لا يعلمها الكثير أنه هو الذي كان يقوم بتصنيع هذه العرائس بيديه استغلالًا لخبرته في النجارة خلال صباه.
وظل يعمل حتى فاجأته أزمة صحية، وهو يعمل في مسرحية "الزيارة الأخيرة"، نُقل على إثرها إلى المستشفى واكتشف الأطباء مرضه الخطير، وظل يعاني الصراع مع المرض إلى أن تُوفي في 21 فبراير، تاركًا لدى كل محبيه صورة رائعة من البسمة والحب لدي الكبير والصغير، وترك رصيدًا فنيا ضخما يتعدى الـ600 مونولوج و128 فيلمًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معرض الصور

معرض الصور


من البداية