أخبار الجزيرة المصورة

02 ديسمبر 2011

العلم يدعم الإيمان .. إبراهيم حشاد


د. زغلول النجار
مازال العطاء الحضاري للإسلام ممتدا حتى الآن، وما زال الإعجاز العلمي للقرآن يبهر الدنيا كلها ويثبت للعالم أن القرآن كلام الله. وأن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان موصول الوحي، ومعلما من رب العالمين، ومازال العالم الدكتور زغلول النجار أستاذ علوم الأرض وعميد معهد مارك فيلد للدراسات العليا بإنجلترا يواصل لقاءاته لشرح نماذج من الإعجاز مشيرا إلى بعض قضاياه التي تدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى الذي أنزل القرآن الكريم.
يؤكد د. النجار أن كل قضية من قضايا أصول الدين الأربعة وهي العقيدة والعبادات والأخلاق والمعاملات هي التي تجسد رسالة القرآن العظيم ولكي يؤمن الإنسان بأن هذا الدين حق وأن هذا الحكم الإلهي الذي نزل من فوق سبع سموات هو الحق، فقد أبقى الله في كل أمر من أمور هذا الكتاب ما يشهد بأن هذا الكلام كلام الله وأن الرسول موصول الوحي معلم من الله تعالى. وعن لمحه واحدة من الدلالات العلمية في كرامة مشاعر الحج وهو مجال لم يتطرق إليه كثيرمن الدارسين.
ويقول د. النجار عن الحجر الأسود - وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه حجر من السماء ومن أحجار الجنة - أن نبي الله إبراهيم طلب من إسماعيل عليهما السلام أن يبحث له عن حجر ليكون بداية الطواف عندما شرعا في رفع القواعد من البيت لبناء الكعبة من جديد، وأخذ إسماعيل يبحث ولم يجد خاصة وأن مكة مقامة على كتلة هائلة من الصخور الجرانيتية النارية المتحولة والتي حينما تتداخل تشكل مساحة كبيرة جدا، وأغلب جسم الكعبة مبني من الصخور، فلما تعب إسماعيل رجع لأبيه وقال لم أجد حجرا مختلفا نجعله بداية الطواف فقال له إبراهيم «لقد أتاني به من هو خير منك» أتاني به جبريل عليه السلام.
المستشرقون والحجر الأسود
وأضاف: حينما علم المستشرقون بهذا الأمر أرادوا البحث عن ثغرة يهاجمون بها الإسلام فقالوا إن المسلمين لايعلمون شيئا وقالوا إن الحجر الأسود ما هو إلا حجر بازلت أسود موجود في الطريق ما بين المدينة ومكة وجرفه السيل وقطعه إلى خارج مكة وعثر عليه إبراهيم عليه السلام ووضعه بداية الطواف، وليثبتوا صدق كلامهم أرسلوا أحد علماء الجمعية البريطانية التابعة لجامعة كمبردج الذي درس اللغة العربية، وذهب هذا العالم إلى المغرب ومنها إلى مصر للحج مع حجاجها وركب الباخرة وكان الحجاج المصريون يتخاطفونه ليكرموه ويطعموه فتأثر بذلك كثيرا، ثم تأثر ثانية عندما رأى قبر الرسول والمدينة المنورة، وتأثر أكثر عندما رأى الكعبة من على مشارف مكة وكان ذلك في القرن التاسع عشر وقال: «لقد هزني ذلك المنظر كثيرا من الأعماق» ولكنه كان مصمما على إنجاز مهمته التي جاء من أجلها، ودخل الكعبة، وفي غفلة الحراسة ولم تكن شديدة في تلك الأيام كسر قطعة من الحجر الأسود وذهب بها إلى مدينة جدة، واحتفل به سفير بريطانيا في السعودية احتفال الأبطال، فهو من وجهة نظرهم بطل أتى بالدليل على بطلان كلام محمد - صلى الله عليه و سلم - بأن الحجر الأسود من السماء، ووصل إلى بريطانيا حيث أودع قطعة الحجر الأسود في متحف التاريخ الطبيعي بلندن ليقوم بتحليله، وأثبتوا أنه «نيزك» من نوع فريد، فوقع الرجل مغشيا عليه وكتب كتابا من أجمل الكتب وسماه «رحلة إلى مكة»، ويتألف من جزءين وصف في الجزء الأول العداء الذي يكنه للإسلام وإصراره على هزيمة المسلمين، وفي الجزء الثاني وصف خضوعه لله سبحانه وتعالى بسبب إدراكه أن الحجر الأسود من أحجار السماء.
شق القمر
وأضاف د. زغلول في معرض حديثه عن الإعجاز العلمي في سورة القمر أن كتب السير النبوية الشريفة تروي أن الرسول قبل هجرته من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة جاءه وفد من كفار قريش وقالوا له يا محمد إن كنت حقا نبيا فأت لنا بمعجزة تشهد لك بأنك نبي، فقال لهم ماذا تريدون؟، فقالوا شق لنا القمر وأشار النبي بإصبعه الشريف إلى القمر فانشق القمر إلى فلقتين تباعدتا عن بعضهما البعض عدة ساعات ثم التحمتا، فقال: الكفار لقد سحرنا محمد، لكن بعض العقلاء منهم قالوا: «لا يمكن أن يطول السحر كل الناس فلننتظر القادمين إلى مكة من السفر، وسألوا القادمين هل رأيتهم شيئا غريبا في القمر؟
فأجابوا بأنهم رأوا القمر وقد انشق عدة ساعات ثم التحم، فآمن منهم من آمن وكفر من كفر، ولذلك يقول ربنا تبارك وتعالى في محكم آياته «اقتربت الساعة وانشق القمر، وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر، وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر، ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر، حكمة بالغة فما تغن النذر» صدق الله العظيم. ونحن كمسلمين في هذا العصر نؤمن بهذه الآية لورودها في كتاب الله وسنة رسوله. ويضيف د. زغلول النجار أن هذه الآيات كانت سببا في إسلام رئيس الحزب الإسلامي البريطاني وهو داود موسى سيتوك البريطاني الجنسية الذي قال «لقد أكرمني الله بسبب هذه الآيات»، ويسترسل فيقول «لقد بدأت أبحث في الأديان عندما كنت في سن الرشد فأهداني أحد المسلمين ترجمة لمعاني القرآن، وعندما بدأت أقرأ بداية سورة القمر «اقتربت الساعة وانشق القمر» «قرآن كريم» قلت في نفسي، ما هذا، كيف انشق القمر، وأغلقت المصحف لكن الله كان يعلم مدى إخلاصي في البحث عن الحق، ووقتها استطاع الأمريكيون أن يستخدموا التقنيات المتقدمة للفضاء لتطوير أجهزة تستخدم في مجال الطب والزراعة، وتحدثوا عن إنزال أول إنسان على سطح القمر، وبعد إتمام ذلك اكتشفوا حقيقة علمية خطيرة لم يكن يصدقهم أحد فيها لو لم ينزلوا على القمر هي انشقاق القمر في يوم من الأيام ثم التحامه، فقال المذيع وكيف عرفتم ذلك، فقالوا كنا ندرس التركيب الداخلي للقمر ففوجئنا بحزام من الصخور المتحولة يقطع القمر من سطحه إلى جوفه إلى سطحه فرجعنا إلى العلماء وقالوا لا يمكن أن يحدث ذلك إلا إذا كان قد انشق القمر في يوم من الأيام ثم التحم».
وهكذا جاء العلم ليثبت حقيقة ما حدث للرسول منذ حوالي 0041 عام ومن الغريب أن الحضارة الهندية القديمة تؤرخ في تاريخها القديم لحادثة انشقاق القمر ونحن لاهون عن ذلك.
كيف نزل الحديد؟
ثم انتقل د. زغلول النجار ليتحدث عن الإعجاز العلمي في سورة الحديد. يقول الله سبحانه وتعالى «وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس «قرآن كريم» إذ لم يكن أحد يتخيل قبل 51 سنة أن الحديد أنزل إنزالا إلى الأرض، ويشرح فيقول: لقد أثبت العلماء أن للأرض كرة في قلبها من الحديد يليها لب سائل أغلبه حديد وتناقص نسبة الحديد في الأرض من المركز إلى السطح من حوالي 99% إلى 6،5% وأن أكثر من 53% من كتلة الأرض البالغة ستة آلاف مليون مليون مليون طن حديد. ونسأل كيف نزل الحديد؟
وكيف اخترق القشرة الأرضية؟ وكيف كون لبا صلبا في الداخل؟ فقال جميع المفسرين قديما إن «أنزلنا» معناها خلقنا أو قدرنا، وركزوا على البأس الشديد للحديد ومنافعه للناس.
ويجيء العلماء ليثبتوا بالعلم أن ذرة الحديد هي أكثر الذرات تماسكا على الإطلاق وأن هذا التماسك الشديد للذرة هو الذي يعطي الحديد صفاته الطبيعية والكيميائية المتميزة التي وصفها الحق تبارك وتعالى بالبأس الشديد، ولولا الحديد في لب الأرض ما كان للأرض مجال مغناطيسي ولا جاذبية، ولو فقدت الأرض جاذبيتها ما استطاعت أن تمسك بغلافها المائي والحياتي والغازي وما كانت صالحة للعمران، والحديد يشكل أغلب المادة الحمراء في دماء الإنسان وأغلب الحيوانات ويشكل أغلب المادة الخضراء في أجسام النباتات، فلولاه ما كان على الأرض حياة، وهو يشكل العمود الفقري لكثير من الصناعات الثقيلة ويمتزج بكثير من العناصر ليعطي سبائك لا أول لها ولا آخر، فمنافعه لا تعد ولا تحصى، ويأتي العلم بعد البدء في رحلات الفضاء ليثبت أن النيازك تضم في كتلتها حديدا صافيا لا يتوفر على الأرض، بل فيها وفي لب الأرض فقط وليس على سطحها، وهي كتل صخرية تندفع في اتجاه الأرض من خارجها في سرعات كونية مذهلة لو ارتطمت بمركبة فضائية لدمرتها وقد نزل نيزك في السودان منذ سنوات قليلة كتلته 09 طنا من الحديد الصافي.
والحديد نشط كيميائيا، فهو يتواجد في الصخور على هيئة أملاح مثل الأكاسيد والكبريتات والكربونات، وكان العرب يعرفون ذلك، وبدراسة التركيب الكيميائي للجزء المدرك من الأرض لاحظ العلماء أن الغالبية الساحقة من هذا الكون يتركب من غاز النيتروجين وهو أخف العناصر وأقلها بناء وهو يكون أكثر من 47% من مادة الكون المنظور، ويليله غاز الهليوم ويكون 42% ولفتت هذه الحقائق نظر العلماء إلى حقيقة مبهرة وهي أن 89% من الكون يتشكل من أخف العناصر وأن 2% تتشكل من عناصر أخرى يبلغ عددها 501عناصر، ونظروا إلى الشمس فوجدوا أن الهيدروجين يكون غالبية جسمها، ثم الهليوم، ولاحظوا أن اندماج ذرات الهيدروجين مع بعضها البعض بعملية الاندماج النووي هي وقود النجوم ولكنها لا تتجاوز في جسم الشمس صناعة عنصر أثقل من الألومنيوم، وأكدوا أن الأرض وباقي كواكب وأجرام المجموعة الشمسية انفصلت أصلا من الشمس، وإذا كان الحديد لا يتخلق في الشمس فمن أين جاء الحديد على الأرض بهذه الكمية الهائلة، وحين نظروا إلى خارج المجموعة الشمسية وجدوا نجوما أشد حرارة من الشمس بملايين المرات، فدرجة حرارة لب الشمس تبلغ ما بين 51 إلى 02 مليون درجة مئوية ولكن النجوم الأشد حرارة التي سميت بالمستعرة تبلغ حرارتها مئات الملايين من الدرجات المئوية، ولاحظوا أنها المراكز الوحيدة في كوننا المنظور التي يتخلق بداخلها الحديد، فإذا تحول اللب المستعر إلى حديد بالكامل انفجر وتناثرت أشلاؤه في صفحة الكون فيدخل في نطاق جاذبية الأجرام كما تصلنا النيازك الحديدية اليوم.
حقيقة مبهرة
وبسرعة أدرك العلماء حقيقة مبهرة وهي أن الأرض حين انفصلت عن الشمس لم تكن إلا كومة من رماد وليس فيها من السيليكون والألمونيوم ثم رجمت بكومة من النيازك الحديدية بنفس الطريقة التي تصلنا بها النيازك الحديدية اليوم، ولكن بمعدلات أكثر ثم اختراق حديد النيازك بحكم كثافته العالية هذه الكومة من الرماد فاستقر في لبها فانصهر وصهرها وميزها إلى سبع أرضين.


هذا الموضوع نشر بمجلة الكويت عدد نوفمبر 1979

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معرض الصور

معرض الصور


من البداية