د. حمدي السيد يفتح خزائن أسرار الرئاسة
تعد مؤسسة رئاسة الجمهورية وما يجري فيها من الأسرار العليا، التي لا يعلم عنها الشعب شيئًا، ولم يطلع على خباياها سوى أشخاص قليلون جدًا بالدولة، من بينهم د. حمدي السيد، الذي يعد من أبرز الشخصيات العامة في مصر، فهو نائب في البرلمان، ونقيب للأطباء، إضافة إلى كونه من القلائل المقبولين شعبيا من أعضاء الحزب الوطني، وهو على علاقة بالرئيس السابق حسني مبارك منذ كان نائبًا للرئيس الراحل أنور السادات.
لذلك عندما يتكلم د. حمدي السيد، فهو يحكي عن خبرة طويلة، ومساحة من الاطلاع والاحتكاك لا يُستهان بها..
تعالوا نقرأ ما قاله د. حمدي السيد في حواره اليوم (الثلاثاء) مع جريدة الشروق، لنعرف بعض الأسرار العليا..
مبارك (نائب السادات) كان يشكو التهميش والاضطهاد
مبارك للجنزوري: كلمني على قدي!
ذكر د. السيد أن مبارك عندما كان نائبا للسادات، كان يشكو له دومًا كونه تقريبا بلا مسئوليات أو صلاحيات، وكان يشكو تهميش واضطهاد أشرف مروان له مع مجموعة من المقربين جدا من السادات.
وعندما تولى مبارك الحكم بعد اغتيال السادات؛ كان يجتمع بنا -والكلام على لسان د. حمدي السيد- في بداية عهده، وكان على لسانه دومًا عبارة: "انصحوني.. أنا ماعرفش".
ويذكر د. السيد أنه في أحد المرات في بداية عهد مبارك؛ كان معهم د. كمال الجنزوري، وكان آنذاك رئيسا لمعهد التخطيط القومي، وكان يلقي عليهم محاضرة في التخطيط القومي، وفي وسط الكلام قال له مبارك: "بس كلمني كلام على قدي علشان أنا مش فاهم اللي إنت بتقوله".
أحمد عز هو الذي مهد الطريق لجمال مبارك
ظهور عز على الساحة كان بداية انحدار مبارك سياسيًا
يستأنف د. السيد حول تطورات التغير الذي طرأ على الرئيس السابق مبارك؛ فيقول: "مع ظهور أحمد عز في الصورة بداية 2001؛ بدأ منحنى الهبوط في حياة مبارك السياسية، فأحمد عز هو الذي أدار السياسة في الحزب الوطني، وكان يحاول أن يمهد الطريق لجمال مبارك".
ويتابع د. حمدي: "وفي رأيي الشخصي أن مبارك أُبعد تمامًا عن الوضع الداخلي بعد انتخابات الرئاسة عام 2005، وترك الأمور الداخلية كلها لجمال والمجموعة المحيطة به، التي أفسدت الوطن في الفترة الماضية".
السيد: جمال لم يكن يجيد التعامل مع من هم أكبر منه
عِزّ أطاح بقامات الحزب الوطني من أجل "نفسية" جمال
وحول جمال مبارك وعلاقته به؛ يذكر د. حمدي أنه شاهد جمال في بداية دخوله الحزب الوطني، ولم يكن يلتقيه كثيرًا، وأن جمال كان يدعوه لحضور الاجتماعات الخاصة بالصحة، ولا شيء غير ذلك. ويتابع د. السيد: "إلى أن ضموني لأمانة السياسات بالحزب الوطني، التي كان يرأسها جمال، وكانت دعوتي بصفتي رئيسًا للجنة الصحة بمجلس الشعب، وليس لشخصي".
ويصف د. حمدي جمال مبارك بأنه كان "دخيلا على العمل السياسي"، فقد دخله في أواخر التسعينيات، وكان منعدم الخبرة في هذا المجال، وكل ما فعله هو أنه نقل نظام الأحزاب الموجود في إنجلترا، وأراد تطبيقه دون معرفة حقيقية بالواقع المصري، إذ كانت تنقصه الخبرة والحنكة السياسية والقبول الشعبي الذي يحتاجه القادة السياسيون تحديدًا، ولذلك كان جمال يشعر بالحرج عند تعامله مع أناس أكبر منه وأكثر علما وخبرة، وفي الوقت نفسه هم يريدون تقديم جمال كرجل محتمل لقيادة البلد، لذلك كان لا بد أن تكون قامته أعلى وأكبر من كل يتعامل معهم، وكان هذا فكر جمال مبارك وأحمد عز، وهذا ما جعل أحمد عز في الفترة الأخيرة يقدم على الإطاحة بكل قامات الحرس القديم في الحزب.
السيد: أنا أتعامل مع مباحث أمن الدولة كأنهم آلهة أو أنصاف آلهة
جهاز الأمن "استوحش" وكأن النظام باقٍ للأبد
ويقول د. حمدي معلقا على ثورة 25 يناير: "لا يوجد شخص يستطيع الادعاء بأنه كان يتوقع ما حدث يوم 25 يناير وما بعده، لأننا كنا ننظر لهذا النظام على أنه نظام مرتب حاله، كأنما سيبقى للأبد.. لديه جهاز أمنى وحشي.. وأنا أتعامل مع مباحث أمن الدولة كأنهم آلهة أو أنصاف آلهة! وذلك نتيجة السلطات الواسعة التي كانوا يحصلون عليها".
لم يكن أحد يتوقع ما حدث يوم 25 يناير
ويروي د. حمدي السيد أسباب نجاح ثورة 25 يناير من وجهة نظره فيقول:
أولا: أن هؤلاء الشباب وغيرهم (من حركات كفاية و6 إبريل وشباب فيس بوك) تحرك ببطء وهدوء واستخدموا في الحوار والتخاطب بينهم الإنترنت، الذي كان بعيدا تماما عن أذهان وسيطرة "المتخلفين" الذين كانوا يقودون البلاد.
ثانيًا: غرور النظام؛ فالموقف يوم 25 يناير كان يمكن تداركه، والمطالب المطروحة آنذاك كانت تحت السقف، يعنى مطالبات بإصلاحات سياسية وتحقيق شيء من العدالة الاجتماعية، لكن ما حدث أن العادلي قال لمبارك: "دول شوية عيال وبرقبتى يا ريس أخلصك منهم".. كما قال عبدالحكيم عامر للرئيس عبدالناصر.
ثالثًا: ما ساعد على تزايد حدة الثورة وارتفاع سقف مطالبها شيئان: الأول هو أن مبارك "انضحك" عليه.. وقالوا له دول شوية عيال مهلوسة وقادرين عليهم.. وعندما وصلت الساعة 12 من مساء يوم الثلاثاء 25 يناير؛ أصيب العادلي بالجنون، ومن هنا بدأ الاستخدام الوحشى للقوة، وهذه كانت بداية النهاية.
رابعًا: تماسك شباب ميدان التحرير، وسوء تقدير الأجهزة الأمنية، مع التآمر على النظام من جانب العادلي الذي كان يجهز لانقلاب في الوطن لمصلحة مجموعة المنتفعين الموجودين، وكان يظن أنه قادر على ذلك.
خامسًا: موقعة الجمل كانت مفصلية لأن الحزب الوطني اعتبرها المعركة الأخيرة، كانوا يعتقدون أنهم بدفع البلطجية للميدان، فإن شباب 25 يناير سيفرّ من الخوف، وهنا لا بد من أن نذكر أن من صمد فى ميدان التحرير هم الأولاد المدربون على مثل هذه المواقف، وأقصد بهم شباب الإخوان المسلمين، أما بقية الشباب فناس مثقفة وغير مدربة على الكاراتيه وحمل السنج والمولوتوف، الإخوان وحدهم يتدربون على مثل هذه الأشياء في كتائبهم.
جمال كان يتآمر للإطاحة بأبيه
ويؤكد د. حمدي السيد على ضلوع الجهاز الأمني في مؤامرة زعزعة الأمن؛ فيقول: "أستطيع القول إنى شاهدت هؤلاء المجرمين -الذين دفع بهم العادلى لإرهاب المصريين- في الانتخابات الأخيرة بقيادة المباحث العامة ومباحث أمن الدولة، وكانوا يهاجمون اللجان بالسيارات كما كانوا يهاجمون البيوت بعد انسحاب الداخلية".
ويرى د. حمدي أن جمال مبارك كان سيقوم بالانقلاب على أبيه لو كان الأخير أقدم على ترشيح نفسه للرئاسة في 2011، لأن الترتيبات كلها كانت تسير في هذا الاتجاه، ولهذا الغرض فعل العادلي ما فعله.
مبارك كان معزولا تماما عن الداخل
ويؤكد د. السيد على أن مبارك كان معزولا تماما عما يحدث داخل مصر، ويستشهد بروايته: "بعد الانتخابات أرسلت له خطابا أشكو له التزوير المنهجي من رجال الأمن في الانتخابات التشريعية الأخيرة، والتي أطاحت بي، وبعدها ظهرتُ فى أحد البرامج وأعدت الكلام نفسه، بعدها قابلت الرئيس في حفل تقليد د. مجدى يعقوب قلادة النيل، فقال لي: أنا شفتك على التليفزيون.. وأؤكد لك أن تعليماتى كانت واضحة بأنه لا تزوير في الانتخابات.. فقلت له: يا ريس يظهر أنهم نفذوا تعليماتك فى كل الدوائر عدا دائرتي".
الوطني خبرة حزبية ينبغي عدم التفريط فيها
وعن مستقبل الحزب الوطني يقول د. حمدي: "رأيي في الحزب الوطني قد لا يسعد كثيرين، الحزب كان له 3 ملايين عضو.. أو حتى مليون عضو.. وله مقارّ في جميع أنحاء الجمهورية، ولديه شباب مدرب يعرف كيف تدار العملية الانتخابية، وأفترض أن فيهم نصف مليون شخص سيّئ سيتم طردهم منه.. لو اسمه يثير حفيظة الناس؛ نغير الاسم.. مع ضم شخصيات جديدة مشهود لها بالاحترام، وساعتها سينافس، فهو لديه خبرة حزبية لا يجب التفريط فيه".
على القوات المسلحة أن تكون أكثر حسمًا
وحول موقف المؤسسة العسكرية، وإدارتها للأزمة منذ بدايتها، أكد د. حمدي أن موقف القوات المسلحة رائع في الحقيقة، ولكنه يتمنى من المجلس الأعلى للقوات المسلحة تعزيز موقفها تجاه الإضرابات الفئوية، حتى لا يخرب البلد بسبب المظاهرات الفئوية، وتفشل الثورة التي قدمت عشرات الشهداء.
6 أشهر لا تضمن انتخابات ديمقراطية
وحول المدة (6 أشهر) التي حددتها القوات المسلحة فترة انتقالية للسلطة، علق د. السيد بأنه يراها فترة قصيرة جدًا، وغير كافية لإجراء انتخابات ديمقراطية، لن تكفي الفترة لأن تنزل الأحزاب الشوارع وتطرح برامجها، وتكوّن قاعدة شعبية، لذلك فهو يتصور أن تمتد فترة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى عام أو عامين.
وأضاف أنه يطالب -في هذا الصدد- شباب 25 يناير بتأسيس حزب سياسي، كما يطالب الأحزاب الموجودة الآن بالتكتل، بمعنى أن تلتحم كل 4 أو 5 أحزاب مشكلة حزبًا واحدًا، لكي تتمكن من المنافسة في الانتخابات المقبلة، وإلا فسوف نجد أمامنا حقيقة كبيرة هي أن القوة الوحيدة القادرة على حصد الأغلبية في البرلمان هي الإخوان المسلمون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق