أخبار الجزيرة المصورة

12 مارس 2010

تل الفراعين بدسوق .. تاريخ موغل فى القدم

تقف منطقة “تل الفراعين” التابعة لمركز دسوق في محافظة كفر الشيخ المصرية في صدارة العديد من المناطق الأثرية في مصر، ليس فقط بما تضمه من تماثيل نادرة ومواقع تاريخية لا يعرفها سوى المتخصصين في هذا المجال، وإنما بما تتمتع به هذه المنطقة من تاريخ موغل في القدم، إذ لا يعرف كثيرون عنها أنها كانت ذات يوم عاصمة مصر السياسية، مقصد الحكام التي يشدون إليها الرحال من أجل نيل “بركة” آلهتها.
تعرف منطقة “تل الفراعين” في كتب التاريخ المصري القديم باسم مدينة “يوتو القديمة” حيث ظلت هذه المدينة عاصمة لمملكة الشمال على مدى عقود من الزمان، قبل أن يشن عليها “الملك نارمر” هجوماً كاسحاً حتى يتمكن من ضمها إلى مملكة الجنوب، ضمن خطته لتوحيد مصر في العام 32 قبل الميلاد. ويشير آثاريون مصريون الى أن مدينة يوتو القديمة كانت المنطقة التي اختصت بحضانة الطفل “حورس”، بعد أن وضعته أمه “إيزيس” في الجزيرة المجاورة لها وكانت تسمى (أخبيت)، وهي المنطقة التي توجد فيها حاليا قرية شابه التابعة لمركز دسوق، ليكون تحت رعاية وحماية "الآلهة واجت" ربة مدينة بوتو، حتى يكون بعيدا عن بطش عمه "ست".
وتبعد مدينة “يوتو القديمة” عن قرية “ابطو” التابعة لمركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ بمسافة 24 كيلومترا، وهي تعد واحدة من أهم المزارات السياحية في شمال الدلتا نظرا لما تضمه من آثار نادرة، تروي تفاصيل من الحياة السياسية لعصر ما قبل الأسرات في مصر القديمة، ويقع التل على مساحة 176 فدانا في الشمال الشرقي لمدينة دسوق في كفر الشيخ، وهو يتميز باحتوائه على العديد من المواقع الأثرية، ومن أهمها معبد “الآلهة واجت”، التي يقول عنها الدكتور محمد عبدالمقصود مدير عام آثار الوجه البحري: “كانت “واجت” هي المصدر الوحيد لإضفاء شرعية الحكم، حيث كان يتعين على الملك الجديد أن يذهب إليها لتقديم القرابين، حتى ترضا عنه وتبارك وجوده على قمة السلطة في البلاد”.
ويضم “تل الفراعين” إلى جانب معبد “الآلهة واجت” أطلالاً لمعابد أخرى لم يستدل بعد على أصحابها، هؤلاء الذين ترقد مومياواتهم في أعماق تلك الجبانة الكبيرة التي تعد من أهم آثار المنطقة، إذ تضم هذه الجبانة آلافا من التوابيت برميلية الشكل فضلا عن توابيت أخرى اتخذت أشكالا غاية في الندرة، عثر على بعضها منقوشا عليها كتابات، توضح طقوس دفن الموتى عند قدماء المصريين، بالإضافة إلى مجموعة تمائم وحلي من تلك التي كانت تستخدم في الزمان الغابر.
وتمتد منطقة المعابد في “تل الفراعين” على مساحة تصل إلى تسعة آلاف متر مربع، لكن الآثاريين المصريين لم يكتشفوا من هذه المعابد سوى معبد واحد هو المعبد المخصص ل “ربة التلة”، بينما تؤكد العديد من الكتابات الأثرية وجود معابد أخرى كثيرة لا تزال مطمورة تحت الرمال الكثيفة للمنطقة.
ويمتد معبد “الآلهة واجت” على مساحة ألف متر مربع تقريباً، وهو محاط بسور من الطين اللبن، ورغم أن المعبد يعود الى عصر ما قبل الأسرات، إلا أن إضافات أدخلت عليه في عصور تالية، ويحتوي المعبد على بئرين لا تزالان تمتلئان بالمياه حتى اليوم، يرجح آثاريون أنهما كانتا تستخدمان في عمليات التطهير التي كان ينبغي أن يكون عليها مقدم القرابين للآلهةويضم المعبد عدداً من التماثيل الأثرية من أهمها تمثال ضخم للملك رمسيس الثاني، يرجع لعصر الدولة الحديثة، إلى جانب تمثال وحيد ل “الآلهة حور”، فضلاً عن مجموعة من اللوحات النادرة، من أهمها لوحة تصور الملك تحتمس الثالث، وهو يقدم القرابين ل “الآلهة واجت”.
ويرجع اكتشاف منطقة “تل الفراعين” إلى عالم الآثار الإنجليزي “بتري” الذي بدأ في عملية مسح شامل للمنطقة منذ العام 1898 وحتى العام ،1910 وقد أسفرت فترة البحث عن العثور على دلائل تؤكد أن المنطقة هي بعينها “يوتو القديمة”.
وتكشف العديد من القطع الأثرية التي عثر عليها في منطقة “تل الفراعين” أنها كانت عاصمة مصر السياسية في عصر ما قبل الأسرات، حيث كانت مصر تنقسم إلى مملكتين هما مملكة الشمال، ومملكة الجنوب، وقد كانت مدينة “يوتو” هي عاصمة الوجه البحري قبل عصر التوحيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معرض الصور

معرض الصور


من البداية