أخبار الجزيرة المصورة

06 فبراير 2012

"زيارة سوزان" و"فلول الداخلية" وراء تهريب السجناء وسرقة البنوك


"اقتحام قسم شرطة أبوصوير واستشهاد شرطيين"، "حرق قسم المرج وتهريب 75 سجينا"، و"مصرع سجين بالإسماعيلية في عملية هروب جماعي من سجن المستقبل"، "أجهزة الأمن بالقاهرة تتصدى لهجومين مسلحين علي قسمي شرطة المطرية ومدينة السلام ثان" و "سطو مسلح على فرع بنك (HSBC) بالتجمع الخامس وعلى سيارة نقل أموال بحلوان".
ليست هذه أخبار قديمة عن الأيام الأولى التي أعقبت اندلاع ثورة 25 يناير ولكن كل ماسبق هو ملخص أحداث الأيام الأخيرة التي رافقت الاحتفال بذكرى مرور عام على اندلاع الثورة التي أطاحت بنظام مبارك وكانت ذروتها الانفلات الذي حدث في استاد بورسعيد خلال مباراة كرة قدم بين الأهلي والمصري وأسفر عن مقتل أكثر من 70 وإصابة المئات وهو ما تسبب في حالة احتقان يعبر عنها ألتراس الأهلي ومتظاهرون في شارع منصور بمحيط وزارة الداخلية وسط القاهرة.
بالرغم من أن حالة الانفلات الأمني كانت مستمرة بدرجات متفاوتة منذ اندلاع ثورة يناير عقب انسحاب قوات الشرطة إلا أن حوادث حرق أقسام الشرطة والسطو المسلح على البنوك وسيارات نقل الأموال، لم تشهدها البلاد إلا في الأيام الأولى للثورة، والسؤال الذي يطرح نفسه هل تكرار السيناريو هذه الأيام معناه أن نفس الأسباب مازالت موجودة أم أن هناك أسبابا أخرى.
مراقبون للشأن السياسي يحللون أسباب تكرار سيناريو اقتحام أقسام الشرطة وتهريب السجناء والسطو المسلح على البنوك، وهل هو طبيعي أم أنه مدبر، وهل هو رد فعل لأسباب غير معلنة، أم أنه نتيجة لعدم الاستقرار في هرم السلطة المصرية.
يلاحظ الدكتور عمار على حسن، الباحث السياسي، إن كل أعمال السرقة والسطو وتهريب السجناء جاءت فى الوقت الذي بدأت فيه الداخلية تستعيد عافيتها، وأن ما تم بداية من سرقة البنوك والخطف وأحداث بورسعيد الأخيرة كان ضمن خطة متكاملة لإرباك الحياة السياسية والإجتماعية في مصر بما يزيد من إنعزال القوى الثورية عن القاعدة الشعبية ويخلق حالة من الكراهية للثورة وإنجازاتها وفتح الطريق أمام قوى الثورة المضادة لتحاول العودة لما كانت عليه وتدافع عن مصالحها.
فأصحاب هذه المصالح هم أنفسهم أصحاب خطة "شيطنة الثورة" التي تمارس هذه الأيام، خاصة بعد أن أثبت الشعب المصري حضوره الكبير فى ذكرى ثورة 25 يناير، وتهدف إلى إنهاء الثورة بشكل مأساوي قد يؤدي بالبلاد إلى حرب أهلية، حتى يقال فى النهاية "أدي اللى أخدناه من الثورة"، وفقا لما أوضحه الكاتب الصحفي محمد عبد الحكم دياب.

عمليات السطو المسلح والسرقات التي حدثت منذ أيام– والكلام لعمار- تؤكد أن هناك مؤامرة لأنها تمت فى وقت واحد وبشكل ممنهج يؤكد أن هناك عقلا مدبرا ويدا تخطط، ولا يمكن أن يقال أنها حالة إنفلات عفوي أو مصادفة، فهذه العقلية تذكرنا بما جرى العام الماضي يومي 28 و29 يناير، وهناك ثورات فى العالم بأكمله تم إجهاضها بهذه الطريقة.
وقد تمكن رجال النظام السابق من قطع شوط كبير فى إجهاض الثورة، كما يؤكد بشير عبدالفتاح، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، مضيفا أنهم استغلوا فى ذلك الثغرات والأخطاء الكثيرة فى إدارة المرحلة الانتقالية في مصر، التي ساعدت وبشكل كبير فى زيادة مساحة الفراغ الأمني الذي لا تتخذ وزارة الداخلية حياله أية إجراءات تمكنها من القضاء عليه.
يلفت عبدالفتاح النظر أن الداخلية بدأت فى الفترة الأخيرة إعادة الأمن للشارع المصري، لكن مع وجود أذيال للنظام السابق داخل الوزارة نفسها ممن يدينون بالولاء لحبيب العادلي الوزير الأسبق، استطاعوا توظيف عناصر سلبية لا علاقة لها بالثورة لإفشال محاولة تطهير الداخلية، ويتفق معه الباحث السياسي أبو بكر الدسوقى، الذي يرى أن "فلول الداخلية" لم تدرك أن هناك تغييرا وثورة حدثت فى مصر، يجب أن يتفاعلوا معها.
"الداخلية عايزة تورينا العين الحمرا.. هي دي طريقتنا فى التعامل هتقبلوا بيها ماشي مش هتقبلوها ماعندناش غيرها" قالها دياب موضحا أن أفراد الشرطة حاليا فى حالة إضراب إما إضراب صامت فى تعاملهم مثلما حدث فى استاذ بورسعيد الأربعاء الماضي "كانوا بيتفرجوا والناس بتموت"، أو إضراب عنيف مثلما يحدث الآن أمام وزارة الداخلية، ويكمل: لذلك لابد من إلغاء جهاز الشرطة وليس إعادة هيكلته ويحل محله جهاز جديد يتم الاستعانة فيه بضباط من النظام القديم ولكن مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة.
من وجهة نظر عمار على حسن، أن وزارة الداخلية تمثل جزءا من النظام القديم يجب القضاء عليه، حيث أنها انقسمت حاليا إلى وزارتين، واحدة تريد الإصلاح وعودة الأمن للشارع المصري، وتحسين صورة رجال الشرطة، وأخرى تعمل ضد ذلك تماما ويمثلها ضباط أمن الدولة، الذين يخربون فى البلد حتى الآن.
يذكرنا عمار: فى أحداث "محمد محمود" كان الوضع أصعب من ذلك وكان اندفاع المتظاهرين تجاه وزارة الداخلية أكبر وأيضا كان تواجد القوي السياسية بالميدان أكثر ومع ذلك لم تحدث كل هذه الجرائم، لكن هذه المرة هناك عقل مدبر بدأ بسرقة البنوك وفتح السجون ومحاولة تهريب السجناء مرة أخرى وذلك يوضح لنا أن رجال النظام القديم مازالوا يتحكمون فى مفاصل الدولة.
يرى عمار أن كل ما يحدث الآن في مصر هو تنفيذ لما تعهد به مبارك فى خطابه فى مثل هذه الأيام قبل تنحيه العام الماضي عندما قال "إما أنا أو الفوضي من بعدي"، وكان يقصد بالفوضي أن جهاز أمن الدولة والبوليس السري الذي يمثله نحو 400 ألف فرد سيعملون ضد الثورة، فضلا عن عودة الإرهاب الدموي لمصر من قبل جماعات متطرفة، ووصول الإسلاميين للحكم، فكان مبارك يضمن تنفيذ سيناريو إرباك الثورة.
يعتقد الدسوقي أن السبب فيما حدث من إنفلات أمني ممنهج جاء بعد أن بدأ اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية الحالي، فى تحقيق مستوى أمني متميز الفترة السابقة، فضلا عن رفضه لتوجيهات المجلس العسكري له، ورفضه أيضا زيارة سوزان مبارك لأبنائها بالسجن فى غير الأوقات الرسيمة لذلك كانت هناك خطة مدبرة لإسقاط وزير الداخلية من قبل رجال النظام السابق ليجعل الشعب المصري يندب حظه قائلا "ولا يوم من أيام مبارك".
يشرح دياب أن كل من يقودون المرحلة الانتقالية فى مصر حاليا ليس لهم علاقة بالثورة بما فيهم مجلس الشعب الذي لا يعبر عن الثورة رغم ما يقال عنه أنه "برلمان الثورة" لكن الحقيقة انهم إلتحقوا بالثورة ولم يقوموا بها والمتحول أو الملتحق يختلف كثيرا عن الأصيل.
قال دياب أن جموع البلطجية بيظهروا بأوامر من رجال النظام السابق الذين يريدون وضع الشعب فى مواجهة مع نفسه، وتسائل:"لما الأجهزة الأمنية مش قادرة عليهم ومش عارفة تأمن مباراة ولا شعب أمال هي بتعمل ايه؟ وليه عرفت تأمن الانتخابات بس؟".
وطالب بضرورة إعادة اللجان الشعبية مرة أخرى طالما أن الأجهزة الأمنية غير قادرة على أو أي مسئول تم محاكمته بالعكس القتلة بيخرجوا براءة" وذلك ساعد على الوصول بمصر إلى الوضع الحالي فى ظل تكرار سيناريو 25 يناير العام الماضي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معرض الصور

معرض الصور


من البداية