أخبار الجزيرة المصورة

18 نوفمبر 2010

صورة فوتوغرافية تكشف أسرارا جديدة في هجمات 11 سبتمبر


جرى توثيق سقوط برجي التجارة العالميين في نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر نتيجة للهجمات الارهابية بعدد ليس بالقليل من الصور الفوتوغرافية، غير ان الصورة التي التقطها مصور وكالة الاسوشتيدبرس ريتشارد درو لرجل يقفز من البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي، أصابت الرأي العام بهالة من الهلع، نظراً لما جسدته من مشاهد دراماتيكية لواقع الرجل الذي اختار الموت بهذه الطريقة بدلا من الموت احتراقا في البرج.
وبالنظر لكون صاحب الصورة ظل مجهول الهوية، وجرى التركيز على صور سقوط البرجين وليس تساقط الناس منهما، فان عرض قصة صورة الرجل الساقط من البرج تلقي الضوء أيضا على الأجواء التي أعقبت هذا الحدث الفظيع.

حكاية الصورة
صباح الحادي عشر من سبتمبر كان مصور وكالة الاسوشيتدبرس ريتشارد درو يقوم بتصوير عرض ازياء لنساء حوامل في حديقة بريانت في نيويورك، غير أن مصور قناة الـ ( سي ان ان ) اخرجه من حالة العمل الروتيني، عندما تلقى من غرفة الأخبار في القناة معلومات تقول إن طائرة اصطدمت بالبرج الشمالي.
كما تلقى دور نفس المعلومة بعد قليل من رئيس تحرير الفترة الإخبارية لوكالته، فقام على الفور بالتوجه إلى مترو الأنفاق حيث كان شبه وحيداً في القطار الذي توقف بعد خمس دقائق بعد هذا التوقيت عن الحركة. فنزل دور قبل محطة واحدة من مركز التجارة العالمي، ليشاهد للمرة الأولى في حياته أعمدة الدخان الكثيفة وهي تتصاعد من البرجين.
توجه دور نحو الجهة الغربية للبرجين، حيث وقفت عربات الاسعاف، وفكر ملياً لثوان معدودة، وقرر الوقوف إلى جوار عمال الإنقاذ، إدراكاً منه بأنهم لن يمنعوه عن أداء عمله، وخلال وقوفه التفت باتجاه صوت صاخب، صدر عن إحدى ضابطات الشرطة، التي قالت للحضور: "انظروا إلى أعلى".

المشهد المؤثر
كان المشهد مؤثرا، فالمتواجدين في البرج يتزاحمون بكثافة عند النوافذ، في محاولة يائسة للنجاة من لهيب النيران المتأجج، ومن ينجو من النيران يلقي بنفسه إلى الخارج ليلقى حتفه ولكن بطريقة أخرى.
ووسط بكاء وعويل من يشاهدون تلك الدراما المأساوية قام ( درو ) بوضع عدسة بحجم 200 مم في كاميرته وأدارها نحو المبنى والتقطت عدسته سقوط مابين 10 الى 15 شخصا، غير أن رجلا واحدا أنحفر في ذاكرته الى الابد، لانه تابعه من اللحظة التي تسلق فيها على حامل البناء الخارجي .. ( درو ) تابعه بعدسته، ثم ضغط على زر الكاميرا لاقطا 12 صورة متتالية لعملية السقوط، أما الصورة التي تحولت الى رمز للحادي عشر من سبتمبر فقد التقطها الساعة 9,4.15، عندما سمع بعد ذلك بلحظات صوت مذهل وهو صوت سقوط المبنى.
لقد وصف درو لاحقا ما جرى في سياق عبارات موجزة: لقد كانت الكاميرا بالنسبة لي مصفاة بيني وبين الواقع، فلم أر إلا ما حوته العدسة، الأمر الذي ساعدني أن انفصل نفسيا عن الحدث الذي كان يجري أمامي.
بعد ساعات من التصوير في شوارع نيويورك عاد دور الى مركز الوكالة وبدأ يشاهد نتائج عمله، وقد أثار انتباهه على الفور صورة الرجل الذي يتساقط نحو الأرض، مما جعل دور يتوقف عن الالتفات للصور الأخرى.
اطلع رئيس تحرير الفترة على الصورة ثم أرسلها الى موقع الوكالة على الانترنت، وفي اليوم التالي ظهرت الصورة على الصفحة السابعة من صحيفة نيويورك تايمز وفي مئات الصحف الاخرى في العالم، غير ان نشر هذه الصورة تم آنذاك للمرة الاخيرة في الولايات المتحدة ولفترة طويلة.

قرّاء غاضبون
لقد تلقت وسائل الأعلام آنذاك آلاف الرسائل من قراء غاضبين اشتكوا فيها بان الصحف تجعل من الموت فيلما إباحيا، وتتدخل بالحياة الشخصية، ولم تساعد أية مبررات في صد الهجوم الجماهيري على الصورة، حتى عندما تم تبرير ذلك بأم ما يقرب من 2000 شخص لقوا حتفهم بهذه الطريقة، وان قصصهم تعتبر جزءا لا يمكن ان يُمحى من ذاكرة أحداث هذا اليوم.
لقد دافع درو عن صوره بالقول: لم التقط موت شخص وإنما جزءا من حياته ، انه حدث وأنا وثقته بالصورة فقط ، ولكن حجته هذه لم تقنع الجميع وظلت هذه الصورة مع لقطات فيديو للقافزين من برجي الموت بعيدة عن التداول من قبل وسائل الأعلام بذريعة انه من الضروري احترام ذويهم.
وعلى الرغم من ان الرقابة الذاتية سمحت للصحف بنشر الصور، التي لا تقلب معدات الأمريكيين عند الفطور، مثل صور عمال الإطفاء والإنقاذ، إلا أنها لم تستطع الإجابة على السؤال الساخن الذي كان يدور في الأذهان، وهو من هو هذا الرجل الذي تهاوى والذي كان يختنق الى درجة جعلته يتخذ القرار بالتحرر بشكل راديكالي من المعاناة؟
لم تظل الإجابة على هذا السؤال لغزاً محيراً لفترة طويلة، إذ قام الصحفي الكندي بالبحث عن هوية المواطن الاميركي، الذي انخرط في ذاكرة الملايين.
الصحافي الكندي بيتر تشيني من صحيفة غلوب اند ميل التي تصدر في تورنتو الكندية، توصل الى نتيجة تحليل الصورة، وبات واضحاً ان الرجل الذي يدور الحديث عنه كان يعمل في مطعم ويندوز اوف وورلد في الطابقين 106، و 107بأحد البرجين التوأمين، كما توصل الصحفي الكندي الى أن هذا الشخص اسمه نوربيرت هيرنانديز وكان يعمل في المطعم كرئيس لطهاة الحلويات.

لم تنته القصة
لم تتردد الصحيفة في نشر اسم الشخص، غير أن القصة لم تنته بعد، ففي عام 2003 قرر مراسل مجلة ايسكوير اوم يونود نزع اللاصق الموضوع على الصورة لعدم مشاهدتها وحاول مواجهة الناس بالصورة على هذا النحو.
وقد اتصل اولا بالمصور درو، وعلم منه أنه التقط 12 صورة لهذا الرجل، فقام بتفحصها، ليجد ثلاثة أشياء جعلته مضطرا الى البحث من جديد عن هوية هذا الشخص، أكثرها التي لفتت انتباهه بان الرجل كان يرتدي قميصا برتقالي اللون، مما يعني انه لم يكن يعمل في قسم الحلويات، الامر الذي اكدته له زوجة هيرنانديز، وعاد البحث بعد عامين الى نقطة البداية، حتى توصل الى نتيجة بالتعاون مع موظفي المطعم بان الرجل الذي يوجد في الصورة هو يوناتن ريلي، وهو مهندس كان يعمل في قسم الصوت بالمطعم وكان يمارس عمله في 11 سبتمبر وقد أكد ذلك شقيقه أيضا بعد معاينة جثته.
لقد قفز من النوافذ حسب ما توصلت اليه صحيفة " يو اس اي تودي " في 11 سبتمبر حوالي 200 شخص، جميعهم تقريبا من البرج الشمالي الذي أصيب أولا، إلا انه سقط بشكل متأخر عن البرج الجنوبي وقد بدأ الناس يقفزون في الساعة 8.46 وظلوا يسقطون لمدة 102 دقيقة قبل أن ينهار البرج، وكانوا يقفزون بمفردهم او بشكل ثنائي أو على شكل مجموعات.

لماذا قفز الناس؟
يبدو أن الخوف الكبير من درجة الحرارة التي وصلت إلى أكثر من 1000 درجة والدخان السام هو الذي جعلهم يقفزون أكثر من ألسنة النيران، لانه لم يكن بالامكان التنفس في البناء خلال عدة دقائق ولذلك لم يفاضل الناس بينما اذا كانوا سيموتون ام لا، وانما كيف يموتون.
لقد استغرقت عملية السقوط نحو 10 ثوان، اما سرعة الجسم الطائر فكانت نحو 240 كم بالساعة وخلال هذه السرعة لم يكن بامكانهم فقدان الوعي.
وتمت عملية القفز من النوافذ من الطوابق 101 حتى 105 كما قفزوا من الطوابق 106 و107 حيث كان يُعقد مؤتمر في مطعم ويندوز اوف ذي وورلد.
ان الناس الذي قفزوا من مركز التجارة العالمي لم تطلق عليهم تسمية "القافزون" لانهم لم يقفزوا بارادتهم، ولذلك ورد في البروتكول الخاص بوفاتهم بانهم قتلوا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معرض الصور

معرض الصور


من البداية