أخبار الجزيرة المصورة

08 يونيو 2010

اللحظات الاخيرة فى حياة الروائى اسامة انور عكاشة ترويها زوجته الثانية

أسهبت عبير عبد المجيد الزوجة الثانية للروائي المصري الراحل أسامة أنور عكاشة في الحديث عن حياتها الخاصة مع زوجها، لا سيما خلال الأيام الأخيرة من حياته.
قالت : إن أسامة دخل المستشفى قبل وفاته بأيام معدودة، وكان في حالة تسمح له بإدراك كل كبيرة وصغيرة تدور حوله، غير أن الأطباء حرصوا على تغييب وعيه عن طريق الأدوية حتى لا يشعر بآلام المرض".
وتشير عبير إلى أنه منذ إقدام الأطباء على هذه الخطوة، علمت أن عكاشة صار قاب قوسين أو أدنى من "الرحيل"، عندئذ حرصت على مرافقته في المستشفى خصوصاً خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، تنفيذاً لوصية أو أمنية كان يردده دائماً، وهو رغبته في أن يفارق الحياة في أحضانها.
وعن اللحظات الأخيرة في فراش الموت أوضحت عبير والدموع تطارد حديثها "كانت لحظات عصيبة عندما دار بيني وبينه حوار خاص في غرفة الإنعاش، كانت عباراتي فيه مقتصرة على لغة البشر التقليدية، بينما كان يكتفي هو بلغة العيون، فضلاً عن إيماءات وإشارات بيده لأفهم منها أنه يعي ويدرك ما أقول".
وتشير عبير إلى أنها حرصت في هذا التوقيت على تلقينه الشهادتين، كما كان حريصاً هو الآخر على ترديدها أكثر من مرة، ولكن بعبارات لا يفهمها سوى خالقه، جاء ذلك بعد أن تلت عبير وهى إلى جواره سورة يس سبع مرات، أملاً في تخفيف آلام لحظات الاحتضار عنه.
وقالت عبير عبد المجيد "بعد دخول أسامة أنور عكاشة المستشفى، كنت في معيته طول الوقت، وعندما قامت زوجته الأولى سهير بزيارته، طلب مني ابنها هشام عكاشة مغادرة الحجرة تفادياً لحساسية المواجهة بينهما، وما كان مني إلا الاستجابة في المرة الأولى، ولكن في الزيارة الثانية استأذنت ابنتها أمل في الدخول على أسامة وهو برفقة أمها في الغرفة، وعندما سمحت لي أمل بذلك دلفت إلى الحجرة وقمت بتقبيل رأسها، وطلبت منها السماح، إذا كان هناك ما يعكر صفو العلاقة بيننا، خاصة زواجي من أسامة".
يبدو أن اللحظات بالغة الحساسية، التي كانت تمر بها سهير وعبير، حال احتضار زوجهما الروائي أسامة أنور عكاشة، كانت مشجعة على تناسي منغصات الماضي، ولا تقبل إلا بلغة الصفح والسماح، الأمر الذي جعل سهير وفقاً لحديث عبير تصفح عنها ولكن بشروط، أولها أن يتم التعتيم على زواجها من أسامة، وأن لا تُعلن تفاصيل هذا الزواج إلا في إطار المقربين منه فقط، ثانياً عدم ظهورها في صورة تجمعها بأسامة في أي من وسائل الإعلام حتى بعد وفاته.
لم يكن أمامها سوى السمع والطاعة، تجنباً لخلافات قد تنشب بينها وبين أسرة زوجها الأولى، وآثرت اتخاذ هذا الموقف على الرغم من قناعتها بأنها لم تخطئ، عندما استجابت لإلحاح أسامة أنور عكاشة في الزواج منها رسمياً، وعن ذلك تقول: كان أسامة على علم بأنني أرفض الزواج من شخصيات كبيرة في مصر، وذات يوم أبلغته أمي بأن هناك من حدد موعداً لزيارتنا، طالباً الارتباط بي، غير أنه فاجئ أمي بقوله: لا توافقي على هذا الطلب لأنني سأتزوج من عبير اليوم".
ولم يترك الراحل وصية تقليدية لتنفيذها بعد وفاته، وإنما كانت وصيته مقتصرة على إسداء النصح لعبير، التي قالت عن ذلك: كان فارق السن بيني وبين أسامة كبيراً (30 عاماً)، ونظراً لذلك كان يطلب مني دائماً الاستفادة من خبراته، لا سيما أنه كان يرى أن طباع شخصيتي قد تجلب لي العديد من المشاكل، وكان يقول: أكثر ما أخشاه عليك بعد وفاتي هو أنت"، قاصداً بذلك "تباسطي مع المحيطين بي، ومحاولتي مشاطرتهم مشاكلهم مهما كان مستواهم".
من بين المواقف التي أغضبت أسامة أنور عكاشة من زوجته الثانية، إصرارها خلال المشاركة في تصوير مشاهد عمله الأخير "المصراوية"على توصيل عدد من المجموعات المشاركة في العمل (الكومبارس) إلى منازلهم بسيارتها الخاصة، لا سيما أنهم أنهوا عملهم في ساعة متأخرة من الليل، ولم يجدوا وسيلة مواصلات تعيدهم إلى مقار سكناهم، وعندما عادت إلى بيتها وجدت أسامة في انتظارها وهو في حالة بالغة من القلق، رغم أنه كان يتابعها بالهاتف الخلوي، وأوصاها فور وصولها بأن التقارب مع الآخرين قد يجلب لها المشاكل، وينبغي عليها توخي الحذر من تصرفاتها.
وعن غيرتها كزوجة من معجبات "سيد الدراما العربية"، تقول: كنت أغار عليه من معجباته ومن المحيطين به ولكن في إطار من العقلانية، فأرى أن وصول الغيرة إلى حد التملك يعتبر آفة من آفات العلاقة الزوجية، وكنت أحترم جداً حبه لزوجته الأولى ولمنزله الذي خرجت منه إبداعاته الأدبية والروائية، ورغم ذلك اعتبر نفسي سعيدة الحظ أنني شاركت أسامة أنور عكاشة حياته، حتى إذا كان ذلك لمدة خمس سنوات فقط، وأرفض أن يكون هناك صدام بيني وبين زوجته الأولى خاصة بعد وفاته".
أوضحت أنها عكفت بعد وفاة زوجها على تحديد نوع الصدقة الجارية، التي ينبغي إخراجها على روح الروائي الراحل، وعن ذلك تقول: قررت فعلاً إقامة سبيل لمياه الشُرب، شريطة أن يكون في مكان يندر فيه وجود الماء، كما خصصت مبلغاً مادياً يتم دفعه بشكل دوري لصالح مستشفى سرطان الأطفال".
وقالت: الصدقة الجارية التي أخرجتها عن روح أسامة كانت وستظل من مالي الخاص، لا سيما أنني لست بحاجة لأموال تركته، ولا أرغب بالدخول في صراع عليها مع أحد من ورثته، فوضعي العائلي لا يسمح لي بذلك، فأنا من أسرة ثرية ووالدي كان مستشاراً كبيراً وفقيهاً دستورياً، وله قاعة باسمه في محكمة الإسكندرية، ولم أكن في حاجه لأموال أسامة أنور عكاشة أو أي رجل آخر في يوم من الأيام".
* بداية العلاقة من "النيل الثقافية"
بدأت علاقة أسامة أنور عكاشة بمن أصبحت زوجته الثانية منذ سبع سنوات تقريباً، عندما كانت تعمل في قناة النيل الثقافية بالتلفزيون المصري، وكانت في حينه الساعد الأيمن لرئيس القناة الإعلامي جمال الشاعر، وخلال إعدادها لبرنامج تلفزيوني في القناة، يهتم باستضافة شخصيات كبيرة أثرت موقعها في مختلف المجالات، من بينهم وزراء وسفراء وكتاب وعلماء وأدباء. وفي إحدى الحلقات حل الروائي الكبير أسامة أنور عكاشة ضيفاً على البرنامج، وتعرف حينئذ على عبير، ونمت بينهما علاقة صداقة حميمية رغم فارق السن، ولم يكتف الروائي الكبير بذلك، حينما أصر على الزواج منها بشكل رسمي.
تتطرق عبير عن الإعلامي والصحافي المصري محمود سعد وعلاقته بزوجها، وحديثه عن أنه كان عاملاً مساعداً في تديُن زوجها، مشيرة في هذا الصدد إلى أنه أياً كان سبب تدين أسامة أنور عكاشة، فكانت بداخلة نواة كبيرة للإيمان بالله والالتزام الديني.
وأضافت: فوجئت بذلك عندما تزوجته، فكان حريصاً على الصلاة في أوقاتها، وكان يختم قراءة القرآن الكريم مرة كل ثلاثة أيام، وذلك على عكس ما أشيع عنه من علمانية أيدلوجيته ومذهبه، بسبب آرائه وكتاباته عن الصحابي عمرو بن العاص، التي جعلت بعض الجماعات المتطرفة فكرياً تذهب في الحكم عليه إلى حد التكفير، فكان أسامة يرفض أن يكون ما بداخله من آراء مختلفاً عما يجول في صدره، ولذلك فضّل مكاشفة قرائه وإطلاعهم على فكره دون مواربة أو تزييف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معرض الصور

معرض الصور


من البداية